Aller au contenu principal

سوريا


سوريا


 

سُورِيَا أو سُورِيَة أو (رسمياً: الجُمهُورِيّةُ العَرَبِيّةُ السُّورِيَّةُ كما صار اسمها منذ 1961)، هي دولة عربية تعد جمهورية مركزية، مؤلفة من 14 محافظة، عاصمتها وأكبر مدنها هي دمشق. تقع ضمن منطقة الشرق الأوسط في غربي آسيا؛ يحدها شمالاً تركيا، وشرقًا العراق، وجنوبًا الأردن، وغربًا فلسطين، ولبنان، والبحر الأبيض المتوسط، بمساحة 185180 كم مربع، وتضاريس وغطاء نباتي وحيواني متنوّع، ومناخ متراوح بين متوسطي، وشبه جاف. تصنف سوريا جنبًا إلى جنب مع العراق بوصفها أقدم مواقع مهد الحضارة البشرية، واشتقت اسمها حسب أوفر النظريات الأكاديمية من آشور؛ بكل الأحوال منطقة سوريا التاريخية مختلفة عن الدولة السورية الحديثة من ناحية الامتداد والمساحة، وتشير الأولى إلى بلاد الشام، أو الهلال الخصيب. وجدت آثار بشرية في سوريا تعود لآلاف السنين، ومدينة دمشق تعتبر أقدم مدينة في العالم، وتحوي البلاد العديد من المستوطنات البشرية الممتدة منذ العصر الحجري، ازدهرت البلاد في العصور القديمة لخصوبة تربتها، وبوصفها طريقًا للقوافل التجارية أو الجيوش، وقامت فيها إمبراطوريات متعاقبة قوية اشتملت أغلبها على الهلال الخصيب برمته، وبرزت منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد الحضارة الآرامية التي استمرت هوية البلاد الحضارية الأساسية حتى استعراب غالبيتها مع حلول القرن الحادي عشر بعد الميلاد. في المرحلة الأنتيكية، كانت البلاد جزءًا من الإمبراطورية السلوقية - وبشكل ملحوظ لقّب الملوك السلوقيون أنفسهم ملك سوريا - ثم الإمبراطورية الرومانية فالبيزنطية؛ وخلال القرون الوسطى بعد فتح الشام، كانت البلاد حاضرة الدولة الأموية - أكبر دولة إسلامية في التاريخ من حيث المساحة - وقامت خلال مرحلة الدولة العباسية عدد من الإمارات والدول ذات التأثير، تلى دوالها قيام سوريا العثمانية التي استمرت حتى الحرب العالمية الأولى. بعد الحرب أعلن استقلال سوريا في 8 مارس 1920 من قبل المؤتمر السوري العام، إلا أن فرنسا رفضت الاعتراف بالمؤتمر، وأصدرت في سبتمبر 1920 مراسيم التقسيم، لاحقًا وبشكل تدريجي حتى 1936 أعيد اتحاد خمسة كيانات ضمن الجمهورية السورية، التي نالت استقلالها التام عام 1946، لتنتهي فترة الديمقراطية البرلمانية القصيرة، والتي تخللتها أزمات عديدة، عام 1963 بقيام نظام الحزب الواحد، الاشتراكي. اندلعت عام 2011 الأزمة السورية، التي أدت لدمار واسع في البلاد، ووصفت بكونها أكبر كوارثها في العصر الحديث.

الشعب السوري، من الشعوب النامية، والمتنوع عرقيًا ولغويًا ودينيًا، ويشكل عرب - مستعربي سوريا السنّة الغالبية بنحو 63% من مجموع الشعب؛ وهناك العديد من السمات الثقافية للشعب ككل. أبرز المدن والتي يفوق عدد سكانها مليوني نسمة، حلب، ودمشق؛ يبلغ عدد السكان حاليًا 22.5 مليون نسمة، وتنشط الهجرة منذ القرن التاسع عشر وهناك جاليات ضخمة من السوريين في الخارج. تعتبر سوريا من الدول النامية، ذات اقتصاد ضعيف، ومستوى دخل تحت المتوسط، وفساد واسع الانتشار، كان الاقتصاد اشتراكيًا ولم يبدأ بالإصلاح والتخلي التدريجي عنه بشكل فعلي إلا بعد عام 2000؛ في الأساس يعتمد الاقتصاد على الزراعة، والسياحة، والخدمات، مع ثروات باطنية، بعضها غير مستثمر بعد.

التسمية

الكتابة الرسمية العُروبية هي سُورِيَة أو سُورِيَّة وتُكتب أيضًا سُورِيَا حسب قاعدة رسم الأسماء الأعجمية، وكذلك الأسماء الفوق الثلاثية المسبوقة بياء بألف طويلة. دُعيت البلاد باسم سوريا في العهد السلوقي في القرن الثالث قبل الميلاد، وفي الأدب الإغريقي فإن هيرودت وهوميروس سمَّيا البلاد سوريا. وفي الأدبيات العربية القديمة هذا الاسم - سوريا - أول من تناوله أبو محمد الهمداني في بعض مواضع كتابه.

التفسيرات المقدمة لمعنى الاسم متعددة أبرزها:

  • أنها سميت نسبة إلى الإمبراطورية الآشورية التي أسست حضارة وثقافة واسعة في الهلال الخصيب، مع إبدال حرف الشين بالسين، وهو أمر مألوف في اللغات السامية. كان ثيودور نولدكه أول من اقترح وجود علاقة بين الاسمين. وتلقى هذه الفرضية انتشاراً واسعاً بين الباحثين، خصوصًا إثر اكتشاف نقوش مكتوبة باللغتين اللوية والفينيقية في قيليقية حيث تشير الفينيقية إلى لفظة آشور بينما تذكر اللوية سوريا في نفس المقطع.
  • أنها سميت نسبة إلى صور الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وقد عرفها الإغريق بهذا الاسم نتيجة العلاقات التجارية المزدهرة بين الطرفين.

أما ما سمَّى به العرب البلاد فهو الشام، ولا يزال هذا المصطلح يُستخدم للإشارة إلى بلاد الشام كما يستخدم في اللهجات المحكية في سوريا للإشارة إلى مدينة دمشق، وقد تعددت النظريات حول أصل تسمية شام أيضًا أبرزها:

  • أن الشام منسوبة إلى سام بن نوح، كما نسبت لغة البلاد القديمة وهي الآرامية إلى ابنه آرام، مع إبدال حرف السين بالشين وهو أمر مألوف في اللغات السامية.
  • أن الشام في العربية تعني اليسار (الجهة)، فانطلاقًا من الموقع الجغرافي للحجاز سُمِّيت اليمن نسبةً إلى اليمين والشام نسبةً إلى الشَّمال أي اليسار.

التاريخ

التاريخ القديم

الآثار البشرية في المنطقة التي تشكل اليوم سوريا تعود لحوالي 750,000 عام قبل الميلاد، منها أنواع أسترالوبيثكس، ونياندرتال، والإنسان العاقل منذ حوالي 150,000 عام. الاستقرار في الأرض، والعمل في الزراعة يعود لنحو 12,000 عام قبل الميلاد، وتأسيس مستوطنات بشرية عديدة - 700 مستوطنة من العصر الحجري، بعضها لا يزال مستمر حتى اليوم، كمناطق مأهولة مثل دمشق وحلب - يجعل البلاد جنبًا إلى جنب مع العراق أبرز مناطق مهد الحضارة البشرية. التعقيد الحضاري انعكس منذ الألف الثالث قبل الميلاد، بقيام ممالك مزدهرة، مثل يمحاض، ومملكة ماري على نهر الفرات، والتي امتدت حتى حلب، وكلاهما ضمن الحضارة الأمورية، ومملكة إيبلا مضمن محافظة إدلب الحالية، ومملكة أوغاريت على الساحل، إلى جانب ممالك أقل أهمية مثل مملكة كانا. في أواسط الألف الثالث قبل الميلاد، ظهرت الإمبراطوريات الكبرى في الهلال الخصيب على أساس اللامركزية الإدارية، بدءًا من سرجون الأكادي، وبرزت في سوريا الحضارة الكنعانية بعد سقوط الإمبراطورية الأكادية في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، ثم ظهرت في القرن الثامن عشر ثاني موحدي الهلال حمورابي ضمن الإمبراطورية البابلية التي انهارت في القرن السادس عشر. تعرف القرون اللاحقة وحتى القرن الحادي عشر «بالقرون المظلمة»، وتوالى فيها على حكم سوريا إمبراطورية هندوأوروبية منها كاشية، وحثية، أو حتى مصرية قديمة. ومع اضمحلال هذه الإمبراطوريات، برزت الحضارة الآرامية من القرن الحادي عشر قبل الميلاد بشكل المدن - الدول مثل مملكة بخياني، وآرام دمشق وغيرهما. وفي القرن التاسع قبل الميلاد، ظهر ثالث موحدي الهلال الخصيب شلمنصر الثالث في الإمبراطورية الآشورية، وتمكن خليفته نبوخذنصر من المحافظة على وحدة البلاد ضمن الإمبراطورية الكلدان حتى 531 قبل الميلاد حين غدت سوريا وحتى الفتح السلوقي مزربانية فارسية. في جميع تلك المرحل، تطورت أنواع مختلفة من الآداب، والقيم الاجتماعية، والفنون، والتجارة مع آسيا الصغرى، وأرمينيا، ومصر، وفارس، وبحريًا عبر المتوسط؛ والعمارة، والعلوم خصوصًا الهندسة والفلك. الحضارة الآرامية بوجه خاص، استمرت ما بعد سقوط الممالك الدول الآرامية، بشكل الهوية الحضارية واللغة الخاصة بسوريا مع تمايز فينيقي في الساحل.

سوريا الأنتيكية

فتح الإسكندر المقدوني الهلال الخصيب عام 333 قبل الميلاد، وتفككت إمبراطوريته بعد وفاته، فكان الهلال الخصيب من نصيب سلوقس الأول الذي سمّى نفسه «ملك سوريا»، وعلى نهجه سار خلفاؤه؛ متخذين من أنطاكية التي بناها سلوقس مركزًا لحكمهم، وقد ظلّت أنطاكية عاصمة البلاد حتى نقلها إلى دمشق زمن الفتح. ترك السلوقيون، آثارًا عمرانيّة بارزة، وشيدوا 34 مدينة، واعتنوا بالتجارة، كما انتشرت الثقافة الهيلينية في البلاد، لاسيّما في المدن والمراكز التجاريّة. كدّرت تلك الحقبة بسلسلة الحروب السورية التي قامت بين السلوقيين حكام سوريا والبطالمة حكام مصر، والتي انتهت عام 198 قبل الميلاد بضم سوريا الجنوبية إلى المملكة مبعدًا النفوذ المصري عنها؛ وكان قبلاً قد وسّع من أملاكه شرقًا حتى حدود أفغانستان. في القرن الأول قبل الميلاد، ضعف السلوقيون وتفككت أوصال دولتهم، وتمكّن ديكران ملك أرمينيا من احتلال أجزاء من البلاد عام 69 قبل الميلاد، وبعدها بفترة وجيزة، فتح الرومان سوريا عام 64 قبل الميلاد تحت قيادة قيادة بومبيوس الكبير، ودعيت المنطقة «ولاية سوريا الرومانية»، والتي قسّمت في وقت لاحق إلى ولايات أصغر حجمًا منها الولاية العربية ومركزها بصرى وسوريا السعيدة ومركزها أفاميا. تفاعل السوريون مع الفتح الروماني، واستطاعت العائلة السيفيرية المنحدرة من مدينة حمص أن تخرج خمسة أباطرة لروما خلال سيطرتها على العرش بين عامي 192 و236 وإلى جانب فيليب العربي بين 244 و249. ويذكر في هذا الإطار أيضًا مملكة حمص والإمبراطورية التدمرية التي تمتعت بحكم ذاتي ثم ثارت على روما وحازت نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا واسعًا خلال عهد الملك أذينة ثم زوجته زنوبيا قبل أن يدمرها الرومان عام 272. ترافقت هذه الأحداث التاريخية مع انتشار المسيحية في البلاد منذ قرنها الأول، كما تدلّ التنقيبات والحفريات الأثريّة، والتي تركت آثارًا على اللغة والأدب والفلسفة، وقد أقرّ مجمع نيقية اعتبار أسقف أنطاكية من متقدمي العالم المسيحي.

برزت سوريا خلال القرنين الرابع والخامس كمعبر تجاري هام قوامه طريق الحرير الذي كان يبدأ في الصين وينتهي قرب أنطاكية، وتطورت اللغة الآرامية واشتقت منها اللغة السريانية التي باتت لغة سوريا اليومية، وبزغت العلوم والآداب متمثلة بالمدراس والجامعات وأبرزها في الرها ونصيبين وحران وغيرهم، وشابت القرن السادس اضطهادات طائفية، وانهيار الوضع الاقتصادي بنتيجة زيادة الضرائب واندلاع الحروب بين الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية، التي تمكّن الفرس على إثرها من دخول البلاد فاستطاع كسرى الأول عام 540 أن يحرق حلب وينهب أنطاكية وأفاميا وأعاد كسرى الثاني الكرة عام 613 فدمر دمشق وقتل معظم سكانها، ثم استرد هرقل سوريا بهجوم مضاد على الفرس عام 628.

الأمويون والعباسيون

فتحت أغلب المدن السورية سلمًا عام 636 أيام خلافة عمر بن الخطاب وتحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح. بعد فترة وجيزة من الفتح، كانت سوريا إحدى معاقل الحرب الأهلية الأولى في الإسلام، والتي انتهت عام 661 بتأسيس الدولة الأموية وانتقال عاصمة الخلافة إلى دمشق. استمرّ الأمويون بحكم سوريا 132 عامًا، ازدهرت خلالها البلاد وانتعش اقتصادها وحركتها الفكرية كما تدلل كتابات المؤرخين والآثار المعمارية الباقية. أما الثورة العباسية عام 749 كانت وبالاً على البلاد لاسيّما دمشق بوصفها عاصمة الدولة السابقة، وفي المقابل برز اهتمام الخلفاء العباسيين خلال أوج قوة الدولة بوادي الفرات والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص، كما استقرّ بها عدد من الخلفاء والقوّاد والأمراء طلبًا للراحة و«حسن المنظر». توالى على سوريا خلال ضعف الدولة العباسية العديد من السلالات الحاكمة التي أسست دولاً شبه مستقلة في كنف الدولة العباسية، ازدهرت البلاد في عهد بعضها كالحمدانيين، ولعلّ أهمها على الإطلاق كانت الدولة السلجوقية التي تمكنت من إعادة البلاد إلى طاعة الخليفة العباسي بعد أن دخلت في طاعة الخلافة الفاطمية ردحًا من الزمن. مع ضعف السلاجقة، تفككت الدولة إلى إمارات مستقلة، في مختلف المدن والمناطق التي سرعان ما تطاحنت في حروب أهلية، مع إهمال الاقتصاد وتكاثر الكوارث الطبيعية، ذلك لم يمنع البلاد من كونها موئلاً للشعراء، والفلاسفة، والفقهاء، والرحالة، والهجرات. أواخر القرن الحادي عشر تمكنت الحملة الصليبية الأولى من تأسيس ممالك لها في الساحل السوري، وقامت الحملة الصليبية الثانية بحصار دمشق، إلا أنها فشلت في دخولها. وتمكن بعد ذلك، الزنكيون من توحيد شمال البلاد، ثم استطاع صلاح الدين الأيوبي الذي ور ثهم، من توحيد مصر والشام في سلطنة واحدة واستعادة القدس، إلا أن معاركه مع إمارتي أنطاكية وطرابلس اقتصرت على الكر والفر، ليترك للمماليك الذين خلفوا الأيوبيين استكمال السيطرة على الشام بطرد الصليبيين من أنطاكية عام 1268 وطرابلس عام 1285؛ غير أن دمشق وحلب في الفترة ذاتها قد أحرقتا ودمرتها بنتيجة الغزوات المغولية بقيادة هولاكو، الذين تمكّن المماليك من طردهم بعد معركة عين جالوت، وتلاها بقرن دمارهما مع مدن أخرى لمرة ثانية نتيجة غزوات تيمورلنك عامي 1400-1401، وعمومًا فإن العهد المملوكي تمثل بالإهمال، وانتشار المجاعات والأوبئة، وانهيار الاقتصاد، وكثرة الانقلابات العسكرية، وثورات نواب المماليك في المدن السورية، وانتشار الأمية، حتى انخفض عدد السكان إلى الثلث أيام حكمهم الذي دام نحوًا من ثلاثة قرون؛ يستثنى من ذلك مدينة دمشق، التي أحاطها المماليك بعناية خاصة واعتبروها «عاصمة ثانية» بعد القاهرة.

سوريا العثمانية

امتدت فترة الحكم العثماني على سوريا سحابة أربعة قرون منذ أن سحق السلطان سليم الأول جيش المماليك في معركة مرج دابق شمال حلب يوم 24 أغسطس 1516، ومنها ملك مدن البلاد سلمًا وعلى رأسها دمشق في 26 سبتمبر 1516، وحتى انسحاب العثمانيين منها في أعقاب الثورة العربية الكبرى والحرب العالمية الأولى في أكتوبر 1918. في بداية عهدهم، أبقى العثمانيون بلاد الشام ضمن تقسيم إداري واحد، وحتى مع تتالي تعقيد التقسيم الإداري ظلّت الإيالات والولايات تشمل مناطق جغرافيّة هي اليوم بمعظمها تتبع مختلف دول بلاد الشام، أي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، إضافة إلى قسم ضمته تركيا على دفعتين،الزور خلال العهد العثماني- رامي وليد ضللي، صحيفة الفرات، 19 يناير 2011. نسخة محفوظة 2011-08-14 في Wayback Machine</ref> وقد دعيت الولايات الثلاث والمتصرفيات الثلاث في القرن التاسع عشر «الولايات العثمانية السورية».

عرفت دمشق وحلب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر ازدهارًا اقتصاديًا وسكانيًا، وساهم في ذلك كون قوافل الحج تجتمع في دمشق لتنطلق إلى الحجاز، وأغلب قوافل التجارة البرية نحو الخليج وفارس والعراق تمر من حلب؛ استمر الوضع الاقتصادي خلال عهد ولاة آل العظم في القرن الثامن عشر جيدًا، لكن عهد الفوضى والحروب بين الولاة ساد في ذلك الحين، فضلاً عن النزعات الاستقلالية أمثال ظاهر العمر وأحمد باشا الجزار وفخر الدين المعني الثاني؛ ولقرون عديدة لاسيّما في الريف فإن إرهاق الشعب بالضرائب، وهجمات البدو، وانعدام الأمن، وجور أغلب الإقطاع المحليّ، وانتشار الأمية كان أبرز سمات العهد العثماني. في عام 1831 دخلت البلاد في حكم محمد علي باشا، وكان حكمه فيها حكمًا إصلاحيًا من نواحي الإدارة والاقتصاد والتعليم، إلا أن سياسة التجنيد الإجباري التي انتهجها أدت إلى تململ السوريين من حكمه، وقيام ثورات شعبية متتالية ضده بين عامي 1833 و1837، وقد استطاع السلطان عبد المجيد الأول بدعم عسكري من روسيا القيصرية وبريطانيا والنمسا استعادة سوريا عام 1840.

خلال المرحلة الأخيرة من الحكم العثماني منذ 1840 وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 ازدهرت البلاد ونمت طاقاتها الاقتصادية بسرعة وعرفت ازدهارًا ثقافيًا وسياسيًا في المدن الكبرى وبعض المدن المتوسطة مثل حمص، مشكلة بذلك أحد أجنحة النهضة العربية، وكان تأسيس المطابع، ودور النشر، والمجلات، والصحف، والمدراس الوطنية والأجنبية، والجامعات، والجمعيات الوطنية السياسية والعلمية أحد أبرز وجوهها؛ بكل الأحوال، فقد انحصرت مرحلة النهضة بالمدن الكبرى أو المتوسطة ولم تصل إلى الريف الذي ظلّ بأغلبه مهملاً ومسيطرًا عليه من قبل الإقطاع. ورغم زوال الحكم العثماني، لا تزال آثاره المعمارية قائمة في المدن الكبرى خاصة ممثلة بالقصور والحمامات والمساجد والخانات والأسواق، كما أن عددًا من العادات والمفردات اللغوية والمأكولات التركية أصبحت جزءًا من تراث وثقافة الشعب السوري.

المملكة، الانتداب، الجمهورية الأولى

أدت النهضة العربية، للمطالبة بإصلاحات إدارية للدولة العثمانية جوبهت غالبًا بالتسويف والرفض من قبل الدولة، وهو ما خلق تباعدًا مها، استفحل بعد مجاعة 1915، وسياسة جمال باشا السفاح، وموجات الهجرة إلى العالم الجديد، والتجنيد الإجباري خلال الحرب العالمية الأولى، وهو ما أدى لإنطلاق الثورة العربية الكبرى عام 1916، والتي استطاعت مع فرق من قوات الحلفاء دخول سوريا في آخر سبتمبر 1918. في العالم التالي التأم المؤتمر السوري العام، أول برلمان سوري معاصر، وأعلن الاستقلال وقيام المملكة السورية العربية عام 1920، غير أن الحلفاء رفضوا الاعتراف بالكيان الجديد، وقامت فرنسا بحلّه بعد معركة ميسلون في يوليو 1920، لتبدأ مرحلة الانتداب الفرنسي، بصدور مراسيم التقسيم لأراضي المملكة التي أتت تشمل بلاد الشام لعشرة كيانات مستقلة، اتحدت خمس منها لتشكيل سوريا الحالية، أولاً عن طريق الاتحاد السوري عام 1922 الذي أعلنته فرنسا لتخفيف من حدة الانتقاد لسياستها، ثم استبدل عام 1925 بالدولة السورية، وهو العام نفسه الذي شهد اندلاع الثورة السورية الكبرى التي استمرت حتى 1927، وفي العام التالي، وكنتيجة غير مباشرة للثورة، جرت انتخابات الجمعية الدستورية التي وضعت دستور الجمهورية عام 1930، وانتخبت عام 1932 محمد علي العابد كأول رئيس للجمهورية. السنوات اللاحقة من النضال ضد الانتداب تشمل الإضراب الستيني، ومعاهدة 1936، ووصول الكتلة الوطنية للحكم برئاسة هاشم الأتاسي، واحتجاجات 1939 بعد فصل لواء إسكندرون، واحتجاجات 1941 ضد الأزمة الاقتصادية التي اندلعت خلال حكم بهيج الخطيب أثناء الحرب العالمية الثانية، التي تمكن الحلفاء فيها من السيطرة على سوريا بعد معركة دمشق 1941، وكانت قبلاً تابعة لحكومة فيشي؛ وقد أعلن الحلفاء استقلال سوريا، ونظمت انتخابات 1943 التي انتخبت شكري القوتلي رئيسًا. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، اندلعت انتفاضة الاستقلال، التي أفضت لنيل البلاد استقلالها الكامل عام 1946.

أدت الهزيمة في حرب 1948، واحتجاجات 1948، لأزمة في النظام السياسي المستقل حديثًا، افتتحت سلسلة انقلابات عسكرية بدءًا من انقلاب حسني الزعيم، وبعده بثلاث أشهر انقلاب سامي الحناوي، ثم انقلاب الشيشكلي الأول بعد التحضير للاندماج مع المملكة العراقية ضمن مشروع وحدة الهلال الخصيب، وفي عام 1950 كتب دستور جديد دعي «دستور الاستقلال»، وأفضى انقلاب الشيشكلي الثاني عام 1951 إلى تسلّمه السلطة منفردًا حتى خلع بنتيجة احتجاجات 1953، وانقلاب 1954. تعرف الفترة اللاحقة الممتدة حتى 1958، باسم ربيع الديمقراطية، والتي تميزت بسوء العلاقات مع تركيا، وتصاعد النفوذ الناصري الذي وصل ذورته بإعلان الجمهورية العربية المتحدة مع مصر عام 1958 بضغط من ضباط الجيش، وهو نفسه وبنتيجة «أخطاء الوحدة» أعلن فك الارتباط معها بانقلاب عام 1961؛ بعدالانفصال نظمت انتخابات 1961 وانتخب ناظم القدسي رئيسًا.

الجمهورية الثانية

بالانقلاب 1963 قامت فرق بعثية في الجيش بالانقلاب على الحكم في 8 مارس، وهو ما أدى إلى إلغاء الدستور، وحل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ونفي غالب الطبقة السياسية إلى خارج البلاد، فضلاً عن إعلان حال الطوارئ. السنوات اللاحقة تميزت بالصراع داخل أجنحة البعث المختلفة، ما أدى إلى انقلابين آخرين الأول هو انقلاب 1966 والثاني هو الحركة التصحيحية عام 1970 والتي أوصلت وزير الدفاع حافظ الأسد إلى السلطة، وتخلل الانقلابين خسارة الجولان خلال حرب 1967، وقد أفضت حرب 1973 إلى استعادة أجزاءٍ منه أهمها القنيطرة. عام 1973 أقرّ دستور جديد للبلاد، كرّس نظام الحزب الواحد باعتبار البعث «قائدًا للدولة والمجتمع»، وفي عام 1975 تدخلت سوريا عسكريًا في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية واستمرت بالتواجد حتى 2005. عام 1979 اندلعت انتفاضة بقيادة الإخوان المسلمين تطورت إلى مواجهات عسكرية انتهت عام 1982 بما يعرف بمجزة حماة الكبرى؛ كما عانت البلاد في أزمة اقتصادية وكساد في الأسواق بين 1985 - 1990. عام 1991، شاركت سوريا في مؤتمر مدريد الذي قبلت به بالسلام مع إسرائيل مقابل إعادة الجولان، كذلك أخذت تتجه تدريجيًا نحو التخلّي عن المبادئ الاشتراكية باتجاه السوق المفتوحة، لاسيّما بعد تولي بشار الأسد لرئاسة الجمهورية عام 2000، خلفًا لوالده بتعديل دستوري. بكل الأحوال، باستثناء المرحلة القصيرة المعروفة باسم «ربيع دمشق» فعلى مستوى الحريات السياسية والإعلامية ونشاط الأحزاب والمجتمع المدني وحقوق الإنسان وتسلّط أجهزة الأمن، فلم تطرأ تغييرات تذكر على نظام الحزب الواحد.

الحرب الأهلية السورية

في مارس 2011 اندلعت احتجاجات ضد الحكم القائم كجزء من الربيع العربي، وسرعان ما توسعت أفقيًا وعموديًا لتشمل معظم محافظات البلاد، ردّت عليها السلطة بالقمع وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وقد اتهمت المنظمات الدولية قوى الأمن والجيش السوري بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء الانتفاضة، وقد أدى استياء قوى المعارضة من السلطة إلى نشوء حركات مسلحة من منشقين عن الجيش النظامي ومتطوعين مدنيين، مثل الجيش السوري الحر، وبنتيجتها تعسكرت الاحتجاجات، وتحولت إلى حرب مدن، ومعارك تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة، وبمشاركة مقاتلين وجيوش أجنبية - مثل تركيا وحزب الله، في حين أقرت الحكومة سلسلة إصلاحات من طرفها مثل دستور 2012 الذي ألغى نظريًا «قيادة البعث للدولة والمجتمع». وفي ظل فشل المحاولات الدبلوماسية لحلها، وعدم تحقيق حسم عسكري، أفضت الأزمة منذ اندلاعها، إلى دمار واسع في البنية التحتية لعدد وافر من المدن السورية، وبروز أزمة اللاجئين السوريين في الداخل وفي الخارج، وإتلاف مواقع أثرية، وشبه انهيار في الاقتصاد، سوى الأعداد المرتفعة باستمرار للقتلى، والجرحى، والمعاقين، والمعتقلين، والمخطوفين، والمختفين. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل ومصرع 210060 شخصاً، منذ انطلاقة الازمة السورية في الـ 18 من شهر آذار /مارس عام 2011، تاريخ سقوط أول قتيل في محافظة درعا، حتى تاريخ 05/2/2015 وقد توزعوا على الشكل التالي: الشهداء المدنيون:100973، بينهم 10664 طفلاً، و6783 أنثى فوق سن الثامنة عشر، و35827 من مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية، قتلى المنشقين المقاتلين: 2498.

الجغرافيا

الموقع والتضاريس

تقع سوريا في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا؛ تطل سوريا على البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طول الشريط الساحلي 193 كم، أما مجموع الحدود العام يبلغ 2253 كم وهو موزع بين تركيا في الشمال والعراق في الشرق والجنوب، والأردن في الجنوب، أما من ناحية الغرب فإلى جانب البحر الأبيض المتوسط يحد سوريا كل من لبنان وإسرائيل؛ بين خطي عرض 32 – 37.5 شمال خط الاستواء، وبين خطي طول 35.5 – 42 شرق غرينتش، وتبلغ مساحتها 185000 كم2.

تضاريس البلاد متنوّعة: في الجنوب تقع هضبة الجولان البركانيّة وسهل حوران الخصيب يليه جبل العرب المكوّن أساسًا من الصخور البازلتية؛ نحو الشمال يوجد سلسلة جبال لبنان الغربية على الحدود مع لبنان والتي تحوي أعلى نقطة في البلاد وهي جبل الشيخ أو حرمون، وتنبسط منها سهول خصيبة تشكل غوطة دمشق، قبل أن تتحول إلى أراض جبلية جرديّة قاحلة في سلسلة جبال القلمون والنبك إلى شمال ريف دمشق؛ قبل أن تنبسط مجددًا في سهل الغاب وسهول الساحل السوري، الذي تقسمه طوليًا سلسلة جبال الساحل الممتدة من الحدود التركيّة وحتى لبنان، ويعدّ جبل الزاوية رديفًا له. في أقصى الشمال السوري، تتموضع حلب القائمة على هضبة محيطة بسهول خصيبة مع بعض الجبال مثل جبل سمعان؛ وتلتقي مع وادي الفرات ذي التربة الخصبة الممتد حتى الحدود العراقيّة؛ ويقع في أقصى الشمال الشرقي منطقة الجزيرة، التي اكتسبت اسمها من لكثرة الأنهار المتواجدة فيها، والتي تعتبر أيضًا من أخصب مناطق البلاد. بين وادي الفرات وسهل الغاب تتواجد بادية الشام، الرملية والقاحلة، تتخللها بضع جبال مثل سلسلة الجبال التدمرية. في سوريا جزيرة واحدة مقابل طرطوس هي جزيرة أرواد، وعدد من الأودية مثل وادي النصارى ووادي بردى.

الحدود

هناك اتفاق بين غالبية الباحثين أنّ لفظ سوريا كان يشمل حتى القرن العشرين مساحة أوسع مما هي عليه اليوم؛ ويشار إليها حاليًا بمصطلحات مثل «سوريا الجغرافية» أو «سوريا الكبرى» أو «سوريا الطبيعية»، وهي تشمل بلاد الشام أو الهلال الخصيب. في عام 1920 نصّت معاهدة سيفر بين تركيا وفرنسا على اعتبار أراضي شمال سكة حديد إسطنبول - بغداد، تابعة لتركيا، وهي منطقة مؤلفة من أكراد وسريان وأرمن وعرب، وذات صلة اجتماعية واقتصادية بحلب. عام 1937 فصل الانتداب لواء إسكندرون ومنحه حكمًا مستقلاً، ثم ضمّته تركيا عام 1939 بحجة كون سكانه من الأتراك رغم أنّ نسبتهم فيه لا تتجاوز 40%. في سبتمبر 1920 فصلت الأقضية الأربعة وأهمها بعلبك والبقاع عن دمشق، وألحقت بمتصرفية جبل لبنان ذات الحكم الذاتي منذ 1860 لتشكيل دولة لبنان الكبير. في العام ذاته، فصل تحقيقًا لاتفاقية سايكس بيكو ما كان يعرف باسم «سوريا الجنوبية» ومنح لبريطانيا التي أقامت فيه إمارة شرق الأردن، إرضاءً للهاشميين بعد أن خسر الملك فيصل حكم دمشق. أخيرًا فإنه بعد الهزيمة في حرب 1967 احتلت إسرائيل الجولان. خلال القرن المنصرم، طرحت محاولات عديدة للتوحيد أبرزها مشروع الملك عبد الله الأول عن سوريا الكبرى عام 1947، ومشروع حزب الشعب للوحدة مع العراق عام 1950.

المناخ

المناخ في سوريا يصنف في شعبتين كبيرتين هما مناخ متوسطي في المنطقة الساحلية والمناطق القريبة منها، وجاف في سائر المناطق. المناخ المتوسطي يتميز بصيف حار وجاف وشتاء بارد وماطر مع وجود فصلين انتقاليين هما الخريف والربيع، أما المناخ الجاف فهو قليل الأمطار قارس البرودة في الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة ما دون الصفر المئوي وشديد الحرارة في الصيف، أما في المناطق الجبلية والمرتفعات تسود درجات حرارة معتدلة صيفًا بحكم الموقع المرتفع. هطول الأمطار عادةً ما يكون بين سبتمبر ومايو من كل عام؛ وتسقط الثلوج على المرتفعات الغربية ويبلغ الهطول حده الأقصى عادةً في شهر يناير، ويتصف بعدم التجانس في توزيع المطر بين الساحل والداخل، وكذلك باختلاف معدلات الهطل المطري السنوي على الأراضي، ويمكن التمييز بين ثلاث مناطق: المناطق ساحلية ذات هطل مطري مرتفع، يصل إلى حوالى 1200 مم/سنة؛ ومناطق داخلية مجاورة للمنطقة الساحلية، يتضاءل فيها الهطل ليصل إلى حوالى 250 مم/سنة، ويرتفع إلى 550 مم/السنة في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية؛ ومناطق البادية وهي تشكل حوالى 60 % من مساحة البلاد، حيث لا يتجاوز معدل الهطل فيها 150 مم/سنة. بخصوص الرطوبة، فيتصف الجو في جميع أنحاء سوريا عدا المناطق الساحلية بارتفاع في معدل الرطوبة النسبية خلال فصل الشتاء وانخفاضها في فصل الصيف؛ أما بالنسبة للمنطقة الساحلية فهي ذات رطوبة نسبية مرتفعة خلال فصل الصيف بسبب تأثير البحر؛ وتكون المناطق الصحراوية والنصف صحراوية هي أقل المناطق رطوبة؛ ويبلغ معدل الرطوبة خلال فصل الصيف من 20-50% في المناطق الداخلية ومن 70-80% في المناطق الساحلية، أما في فصل الشتاء فيتراوح المعدل بين 60-80% في المناطق الداخلية وبين 60-70% في المناطق الساحلية. أما الرياح، فهي معتدلة، باستثناء هبوب رياح البادية على دمشق ومناطق وادي الفرات في فصل الصيف.

المياه

سوريا غنية بالموارد المائية، سواءً أكانت أنهارًا أم بحيرات أم ينابيع جوفية. أكبر الأنهار المارة في سوريا هو نهر الفرات، الذي يدخل سوريا من تركيا ويجتاز منطقتها الشرقيّة باتجاه العراق ويبلغ طول مجراه في أراضي الجمهورية 675 كم، يضاف إليه عدد من الروافد الأساسية أبرزها نهر البليخ بطول 460 كم ونهر الخابور. كما يمر في سوريا نهر دجلة بطول 50 كم في أقصى الشمال الشرقي محاذيًا الحدود العراقية. ثالث الأنهار السورية من حيث الطول هو نهر العاصي الذي يدخل سوريا من لبنان بطول 325 كم ويشكل العصب الرئيسي للمناطق الزراعية في سهل الغاب؛ كما تتميز المنطقة الساحلية بالأنهار الجبلية القصيرة أبرزها نهر السن ونهر الكبير الشمالي، كما يوجد نهر بردى الذي ينبع من سلسلة جبال لبنان الشرقية مارًا بدمشق وغوطتها قبل أن يصب في بحيرة العتيبة في البادية، ويشكل المحفظة المائية لمدينة دمشق وريفها. أما الجنوب فأهمّ أنهاره نهر اليرموك الذي يتابع طريقه غربًا ملتقيًا بنهر الأردن قبل أن يصب بالبحر الميت. أقامت الدولة، عددًا وافرًا من السدود على مختلف الأنهار المارة في البلاد، أهمها سد الفرات الذي يشكل من خلفه بحيرة صناعية بطاقة 14.1 مليار متر مكعب من المياه؛ ومن السدود الهامة الأخرى، سد الرستن على نهر العاصي، وسد 16 تشرين على النهرالكبير الشمالي.

تحوي سوريا عددًا من البحيرات الطبيعية والاصطناعية المتشكلة خلف السدود أكبرها بحيرة الأسد، والبحيرات السبع قرب اللاذقية، وبحيرة 17 نيسان على نهر عفرين وبحيرة الرستن على نهر العاصي التي أنشئت عام 1960؛ أما البحيرات الطبيعية في سوريا أبرزها بحيرة قطينة قرب حمص وبحيرة زرزر قرب الزبداني، وبحيرة مسعدة في الجولان التي تتميز بمياهها الكبريتية.

الغطاء النباتي والحيواني

الغطاء النباتي في سوريا متنوع في المناطق الوسطى والغربية ويناقض ذلك في مناطق بادية الشام وعموم المنطقة الشرقية. تحوي سوريا على ثلاثين محمية طبيعية؛ وتعتبر محافظة اللاذقية أغنى المحافظات السورية من حيث الغابات والغطاء النباتي بنسبة 31% من مجموع غابات الجمهورية تليها منطقة سهل الغاب بحوالي 12%. ويعيش في سوريا حوالي 3500 نوع من النباتات والأشجار فيها. أما عن الغطاء الحيواني فهو بدوره متنوع غير أن بضع حيوانات كانت تعيش في سوريا كالفيل السوري أو الفهد قد انقرضت تمامًا، ويلعب التصحر دورًا مهمًا في القضاء على التنوع النباتي والحيواني في سوريا، ويهدد 18% من مجمل المساحة العامة. وتسعى الحكومة السورية لمكافحة التصحر من خلال خطط خاصة توضع لذلك.

السكان

بلغ عدد سكان سوريا حسب تقديرات الأمم المتحدة عام 2017، في مطلع شهر تموز حوالي 18,270 مليون نسمة بمعدل نمو سكاني سالب بلغ -2.30% في حين قدرت نسبة الولادات بحوالي 18.9 مولود لكل ألف نسمة مقابل 5.4 مولود من الوفيات لكل ألف نسمة أيضًا؛ ويقيم حوالي 56.1% من مجموع السكان في المدن. وتعتبر مدينة حلب أكبر المدن السوريّة، بينما تتميز دمشق الكبرى بأكبر تجمع سكاني، ويقطن في المنطقتين 44% من مجموع الشعب. ولقد ارتفع عدد السكان من 4.5 مليون نسمة عام 1960 إلى 23.5 مليون نسمة (حسب تقديرات سنة 2010)، بسبب تحسن مستوى المعيشة والحالة الصحية، بينما انخفض معدل الخصوبة من 7 أطفال للمرأة الواحدة في المتوسط خلال منتصف القرن العشرين إلى 3 أطفال حاليًا، مع بقاء هذا الرقم فوق المتوسط العالمي المحدد بأنه 2.1 طفل للمرأة؛ وكانت هذه الزيادة السكانية المتسارعة تؤثر سلبًا على الاقتصاد والتنمية. إلى جانب المدن التي يفوق عدد سكانها المليونين وهما دمشق وحلب، فإن المدن التي فاق عدد سكانها المليون أو شارفت على ذلك هي حمص، وحماة، واللاذقية؛ أما بقية السكان فيعيشون في المدن الصغيرة، والريف إلى جانب وجود مجموعات قليلة من البدو في بادية الشام. تعاني البلاد من تضخم المدن الكبرى كدمشق وحلب مدعومة بالهجرة من الريف إلى المدينة، وهو ما يؤثر سلبًا على التنمية؛ وبشكل عام فإنّ الكثافة السكانيّة تعتبر عالية في المنطقة الساحلية وسهل الغاب وجبل الزاوية، والعاصمة دمشق وريفها ومدينة حلب، وتقلّ في الجزيرة ووادي الفرات، وتنعدم تقريبًا في بادية الشام.

منذ القرن التاسع عشر، ازدهرت الهجرة من سوريا نحو العالم الجديد، خصوصًا أمريكا اللاتينية، ويقدر العدد التقريبي لذوي الأصول السورية بنحو 12 - 15 مليون نسمة، ومع امتلاكهم حق الحصول على الجنسية السورية فإن معظمهم غير حاصل عليها، وفي الفترة الراهنة تزدهر الهجرة نحو منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ذات التأثير الديموغرافي الأقل على البلاد بسبب القرب الجغرافي من جهة، وعدم التجنيس في دول المهجر من جهة ثانية. لقد كانت سوريا منذ العصور القديمة موئلاً لهجرات عديدة، أو توطين بديل مثل هجرة الشركس في القرن التاسع عشر، أو فرق عسكرية وتجار استقرت نهائيًا في البلاد مثل التركمان، والأرناؤوط، وأحدث الهجرات هي هجرة بعض العشائر من نجد إلى وادي الفرات أواخر القرن السابع عشر، والهجرة الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى، وهجرة فلسطيني سوريا في أعقاب حربي 1948، و1967، والهجرة من الجولان بعد حرب 1967 أيضًا، والهجرة العراقية بعد غزو 2003.


المجموعات الدينية والعرقية

يتكون الشعب السوري من سبعة عرقيات مختلفة، وتسعة طوائف باعتبار الكنائس المسيحية طائفة واحدة، و19 طائفة باعتبار الكنائس المسيحية طوائف منفصلة. ينصّ الدستور على المساواة في الحقوق والواجبات بين كافة السوريين. على مستوى الدين، فإنّ الإسلام وفق مذاهب أهل السنة والجماعة لاسيّما المذهب الحنفي هو الأكثر انتشارًا بين السوريين بحوالي 74%، وينصّ الدستور على أنه الدين الرئيس للدولة ويعدّ الفقه الحنفي مصدرًا رئيسيًا للتشريع فيها، ويضمن الدستور لمختلف الطوائف الأخرى قوانينها الخاصة في الأحوال الشخصية، كما يكفل الحرية الدينية وإن كانت مقيدة من بعض الجوانب حسب تقرير «الحرية الدينية في العالم»، وتشرف الدولة على القطاع الديني الإسلامي من خلال وزارة الأوقاف، أما المؤسسات المسيحية فهي مستقلة. وعلى مستوى المجموعات العرقية، فإنه وبعد الاستعراب غدا عرب سوريا العماد الأساسي للسكان في البلاد بحوالي 86%. وتتميز سوريا بارتفاع نسب «الأقليات» في مناطق معينة وتشكيلهم الغالبية فيها، مثل الساحل السوري ووادي العاصي الغربي ذي الغالبية العلوية، والجزيرة السورية ذات الغالبية الكردية - السريانية، وجبل العرب ذي الغالبية الدرزية.

اللغة

قبل الاستعراب وحتى القرن الحادي عشر أو القرن الثاني عشر بالنسبة لأغلب الريف السوري كانت اللغة السريانية، لغة التخاطب اليومي في البلاد وهي اللغة التي يعدّها البحاثة لغة المنطقة القوميّة. مع انتشار اللغة العربية كلغة تخاطب، نشأت اللهجة السورية، والتي اقتبست إن من ناحية المفردات أو من ناحية اللحن لاسيّما في الجزيرة من اللغة السريانية بشكل وافر مع تأثيرات تركية وفرنسية محدودة لاحقة، وتقسم اللهجة السورية إلى عدة فروع متمايزة من ناحية نطق بعض مخارج الحروف؛ مع وجود للهجة النجدية بين البدو. المجموعات العرقية تستخدم لغاتها الأم إلى جانب اللهجة السورية، كاللغة الكردية والسريانية والأرمنية والشركسية والتركية في معاملاتها اليومية، والآرامية في معلولا. على الصعيد الرسمي فإنّ العربية لغة الدولة الرسمية، وتفرض المناهج الدراسية تعلّم اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وتعتبر سوريا من البلاد القليلة التي انتدبت من قبل فرنسا ولم ترسخ فيها اللغة الفرنسية، بسبب سياسة الحكومات لاسيّما بعد 1963. وللمجموعات الناطقة بغير العربية حق تأسيس مدارس أو وسائل إعلام بلغاتها الخاصة، وذلك بعد الكف عن سياسة الاستعراب والتعريب.

السياسة

نظام الحكم

صدر الدستور السوري المعمول به حاليًا في 27 فبراير 2012 ويتمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات تنفيذية وإجرائية واسعة يساعده في أدائها مجلس الوزراء المعين من قبله، في حين يتولى مجلس الشعب المكون من 250 عضوًا منتخبين لدورة أربع سنوات على أساس دائرة انتخابية هي المحافظة، مهام السلطة التشريعية، كما يقوم بالرقابة على عمل الحكومة وإقرار موازنة الدولة العامة والتصديق على المعاهدات؛ بيد أن لرئيس الجمهورية إصدار التشريعات التي تعامل معاملة القانون وذلك خارج أوقات انعقاد مجلس الشعب على أن يكون من حق هذا الأخير مراجعتها في أولى جلساته، وتتولى المحكمة الدستورية العليا الرقابة على مجمل العملية التشريعية في البلاد ولها محاكمة الرئيس، وتعين من قبله. رئيس الجمهورية ينتخب لمدة سبع سنوات، من قبل الشعب.

الحزب الحاكم في سوريا هو حزب البعث العربي الاشتراكي ويشكل مع ثمانية أحزاب أخرى جميعها يساريّة، ائتلافاً يدعى الجبهة الوطنية التقدمية ولها ثلثا مقاعد البرلمان، كان النظام السياسي مناطًا بحزب البعث الذي اعتبره دستور 1973 «القائد للدولة والمجتمع» لكن دستور 2012 عاد وفتح المجال أمام التعددية السياسيّة في البلاد. حسب منظمة هيومان رايتس ووتش فإن سوريا تحتل المركز 154 دوليًا من حيث احترام حقوق الإنسان، يعود ذلك إلى تقييد إنشاء الأحزاب والرقابة على المنشورات السياسية والإنترنت ومختلف وسائل الاتصال، فضلاً عن وجود عقوبة الإعدام ووضع السجون المتردي، ووجود عمليات تعذيب، وسواها من انتهاكات حقوق الإنسان.

التقسيمات الإدارية

لكون سوريا دولة مركزية الحكم، فإن السلطات المحلية في المحافظات يقتصر دورها على تنفيذ قررات الحكومة وتوجيهاتها، وممارسة الرقابة الذاتية على هذا التنفيذ، وإدارة بعض الخدمات العامة كالنظافة، وإدارة الحدائق، وووضع المخططات التنظمية للمدن في المحافظة. تتألف البلاد من 14 محافظة، يعيّن كل محافظ من قبل رئيس الجمهورية، وتقسم المحافظات إلى 60 منطقة، وتقسم المناطق بدورها إلى 280 ناحية. إلى جانب المحافظ ينتخب في كل محافظة مجلس محافظة، وفي كل مدينة مجلس مدينة تنظّم شؤونه واختصاصاته عبر قانون الإدارة المحلية الذي صدرت آخر نسخه عام 2011. النشوء التاريخي للمحافظات السورية الأربعة عشر الحالية، والحدود الفاصلة بينها، يمتد من مرحلة سوريا العثمانية وحتى 1972، حين استحدثت محافظة طرطوس، لتكون أحدث المحافظات السورية عمرًا.

العلاقات الخارجية

تلعب سوريا دورًا هامًا في السياسة الإقليمية للعالم العربي، لاسيّما دول الجوار. عبارة «لا حرب بدون مصر، ولا سلام بدون سوريا»، توضح دور البلاد في الصراع العربي الإسرائيلي، ومنذ مؤتمر مدريد عام 1991، تعترف سوريا بأن حل الصراع قائم على وجود دولتين في أرض فلسطين على حدود 1967، ومع استعادة الجولان. وبكل الأحوال، فإن المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، والمنقطعة زمنيًا، توقفت عام 2008 دون أن تفضي إلى نتيجة. حسب الدستور، فإن سوريا تعمل لتحقيق التعاون بين الدول العربية في المجالات كافة، وصولاً لتحقيق «الوحدة العربية». بعد سيطرة حزب البعث على السلطة عام 1963، أقام تحالفًا إستراتيجيًا مع روسيا، ومع إيران منذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979، وفي المقابل فإن «مجموعة أصدقاء سوريا»، التي تضم دولاً مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، والمملكة العربية السعودية، تقدم دعمًا دبلوماسيًا وماديًا للمعارضة منذ اندلاع الأزمة.

خارج الأزمة الحالية، فإن لسوريا علاقات وثيقة مع العراق، ولبنان، وتركيا، لاسيّما منطاقها الجنوبية، وبعض الحركات الفلسطينية؛ وعلى صعيد المنظمات الدولية، فالبلاد عضو مؤسس في الأمم المتحدة وانتخبت مرتين كعضو في مجلس الأمن الدولي كما أنها عضو مؤسس في جامعة الدول العربية وعضو مؤسس في منظمة المؤتمر الإسلامي؛ وعضو في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا والبنك الدولي للإنشاء والتعمير والوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمة الدولية للطيران المدني ومنظمة الأغذية والزراعة ومجموعة الأربع وعشرون ومجموعة سبعة وسبعون وحركة عدم الانحياز والمنظمات المنبثقة من جامعة الدول العربية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، وغيرهم.

القوات المسلحة

القوات المسلحة السورية، تتألف من الجيش السوري، وسلاح الجو السوري، وسلاح البحرية. يعدّ رئيس الجمهورية في سوريا، القائد العام للقوات المسلحة حسب الدستور، وتأتمر بأمره مع مجلس الدفاع الأعلى، في حين تقوم وزارة الدفاع السورية، بالإدارة العادية. تأسس الجيش السوري، بعد الاستقلال عام 1946 من رحم جيش الشرق، أيام الانتداب، وصرف عليه عظيم الجهد والأموال لرفع عتاده وعديده، من 27,000 مقاتل عام 1949 إلى حوالي 500,000 عام 2010، لتغدو البلاد السادسة عشر على مستوى العالم من حيث القوة البرية، والثانية بعد الجيش المصري على المستوى العربي، مع خدمة عسكرية إلزامية مدتها عام ونصف. بكل الأحوال، وبعد عسكرة الأزمة السورية، وبنتيجة قتلى المعارك، والانشقاقات، انخفض عديد الجيش إلى نحو 220,000 مقاتل. الجيش السوري من ناحيتي التنظيم والتسليح، يعتمد على الأسلوب الروسي.

شارك الجيش السوري في حرب 1948، وحرب 1967، وحرب 1973، والحرب الأهلية اللبنانية، وبشكل خاص حرب لبنان 1982، عملية 1990 ضد حكومة ميشيل عون، وحرب الخليج الثانية، وقد قمع أحداث الثمانينات، وتدخل في الأزمة السورية. بعد الأزمة، لم تعد تعتبر القوات المسلحة المؤسسة العسكرية الوحيدة في البلاد، فهناك جيش الدفاع الوطني الرديف، والجيش السوري الحر، وعدة فصائل وتنظميات مستقلة، برزت وسيطرت على مناطق مختلفة خلال الأزمة.

الاقتصاد

الاقتصاد السوري النامي أساسًا تراجع بشكل كبير نتيجة الأزمة السورية، منكمشًا بنسبة 20% خلال عام 2013، مع دمار واسع في البنية التحتية اللازمة له، وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 50% من السكان، وبلوغ البطالة نسبة 39%، مع أعداد كبيرة من العاطلين الشباب، والخريجين الجدد، والمشتغلين بمجالات أدنى من اختصاصات دراستهم؛ هذه النتائج تعتبر الأسوأ على صعيد العالم ملحوقة بجنوب السودان. يضاف إلى ذلك، انهيار العملة الوطنية وهي الليرة السورية، لتفقد بين عامي 2012 - 2013 حوالي 200% من قيمتها، مع النتائج التضخمية وانخفاض القوة الشرائية للمواطن. بعض التقارير المتفائلة، تحدثت عن إمكانية «تعافي متسارع» للاقتصاد، بعد توقف الحرب والبدء بالتركيز على الجانب الاقتصادي، ذلك يعود إلى تجارب اقتصادية سابقة، فعلى سبيل المثال عام 1970 كان الناتج المحلي الإجمالي لسوريا 136 مليون دولار، وارتفع إلى 1.024 مليار دولار عام 1980، أي تضاعف عشرة مرات خلال عشر أعوام. اتجهت الدولة السورية منذ 1963 نحو سياسة الاقتصاد الاشتراكي، الموجه بالكامل، وبدأت بشكل فعلي بعد عام 2000 بإصلاح الاقتصاد والتوجه نحو اقتصاد السوق المفتوح، فحققت نسب نمو اقتصادية مرتفعة، وتحسن مستوى الدخل مع بقاءه أدنى من الدول المجاورة؛ على سبيل المثال فإن الناتج المحلي الإسمي للبلاد كان 46.5 مليار دولار، وهو رقم قريب من الناتج الاسمي الإجمالي للبنان عند 42.5 مليار دولار، رغم أن سوريا أكبر بثمانية عشر مرة لبنان من حيث المساحة، وخمس مرات من حيث عدد السكان تقريبًا، وأغنى من حيث الموارد الطبيعية، وهذا الأمر ناجم أساسًا عن السياسات الاشتراكية في سوريا، واعتماد لبنان نظام السوق المفتوح. تعاني سوريا من معدلات عالية من الفساد، وتعتبر البلاد من الدول العشر الأكثر فسادًا في العالم، كما يعاني الاقتصاد من العجز عن خلق فرص عمل جديدة لتناسب حجم زيادة سوق العمل المقدرة بحوالي 200 ألف عامل جديد سنويًا، بمجموع حوالي 7.5 مليون عامل عام 2012، وهو ما أفضى لارتفاع معدلات الهجرة بين الشباب الجامعي نحو دول العالم لاسيّما دول الخليج العربي؛ هناك أيضًا تفاوت اقتصادي وخدمي كبير بين المدن الكبرى مثل دمشق، وحلب، وحمص، واللاذقية، وبين الريف مثل الأتارب أو تفتناز. في مسح أجري عام 2011، عبّر 4.7% فقط من السوريين عن «رضاهم» بالحياة.

الزراعة

تقليديًا، فإن سوريا بلد زراعي، تشكل الزراعة 26% من الدخل القومي، ويعمل بها حسب إحصاءات 2007 الرسمية مليون عامل دون الصناعات المعتمدة عليها؛ تعتبر سوريا السادسة عالميًا بإنتاج الزيتون. والثالثة العشر في إنتاج القطن عام 2010 أي قبل الحرب الأهلية طبقا لإحصائيات مجلس القطن الوطني لأمريكا. ولكن بسبب الحرب الأهلية وما خلفته من أضرار على الاقتصاد والزراعة انخفض إنتاج القطن السوري بشكل ملحوظ جدا. أما المحاصيل الأخرى تشمل القمح، والأشجار المثمرة، وهي محققة الأمن الغذائي في جميع أنواع الأغذية الأساسية وتصدر قسمًا منها. وتتزامن الزراعة مع تربية الحيوان، وأهم المواشي البقر بحوالي 1.2 مليون رأس، والأغنام بحوالي مليوني رأس، والدجاج بحوالي 120 مليون دجاجة، والأسماك بإنتاج 17 ألف طن سنويًا، وبشكل ثانوي المناحل، وتحقق منتجات الحيوان أيضًا الاكتفاء الذاتي وتصدر للخارج.

الصناعة والسياحة

الصناعة في سوريا لا تزال تعتبر نامية ومقتصرة على 12.5% من القوى العاملة، مع كون 85% من المنشآت الصناعية صغيرة وتوظف أقل من عشر عمال، وعام 2000 كان فقط 2.3% من المنشآت الصناعية المقدر عددها بنحو 90 ألفًا توظف أكثر من مئة عامل. يقتصر القطاع الصناعي على الصناعات المتوسطة، كالصناعات الغذائية، والمنسوجات، وبعض الصناعات الثقيلة، كالإسمنت، والأسمدة، وتكرير النفط، ومواد البناء، وإنتاج الكهرباء، مع معمل وحيد لصناعة السيارات؛ في حين تستورد البلاد معظم حاجاتها الصناعية والإلكترونية. أما التجارة والخدمات، فيشكلان 42% من الناتج المحلي الإجمالي، و39% من القوى العاملة متركزين في المدن الكبرى، ومشتملين خدمات مصرفية، وترانزيت، وسوق دمشق للأوراق المالية، ومعرض دمشق الدولي، وخدمات السياحة التي توفر أيضًا 31% من احتياطي النقد الأجنبي. في عام 2010 بلغ عدد السياح في سوريا 6 ملايين سائح دون السياحة الداخلية وزيارة السوريين في الخارج، مع متوسط استثمار سنوي بقيمة 6 مليارات دولار، وصنفت سوريا كواحدة من أفضل المواقع السياحية في العالم، مع انخفاض كلفة السياحة مقارنة بالدول المجاورة، وغناها الطبيعي والأثري، غير أن الأزمة أفضت لاختفاء السياحة من البلاد.

الثروات المعدنية

على صعيد الثروات الطبيعية، فإن سوريا هي الدولة 27 عالميًا بإنتاج النفط بمعدل 400 ألف برميل يوميًا، يستهلك محليًا، ويصدر قسم منه إلى الخارج لإعادة استيراد مشتقاته؛ وإلى جانب الآبار الموجودة في الحسكة ودير الزور، اكتشفت كميات كبيرة من النفط والغاز في البحر قبالة الشواطئ السورية. ثاني الثروات، هو الغاز الطبيعي، ويستخدم للاستهلاك المحلي، ويبلغ الإنتاج 28 مليار لتر مكعب سنويًا، وثالثها الفوسفات في حمص، بإنتاج 2.6 مليون طن يصدر معظمه، وتعتبر التاسعة عالميًا في إنتاجه. على صعيد إنتاج الطاقة، فقد حققت سوريا منذ 2002 الاكتفاء الذاتي من حاجاتها الكهربائية بمقدار 21.6 مليار كليوواط ساعي، إلا أن الأزمة أدت إلى تراجع القدرة على إنتاج الطاقة بكميات كبيرة، وبالمتوسط فإن المدن السورية تقطع عنها الكهرباء بين 6 - 9 ساعات يوميًا، حتى في المدن التي لا تشهد معارك كدمشق واللاذقية.

التجارة الخارجية

عام 2010 بلغت قيمة الصادرات السورية 10.5 مليار دولار، أكثر من 50% منها مع الدول العربية خصوصًا العراق والسعودية، وحوالي 30% مع دول الاتحاد الأوروبي، وبلغت قيمة الواردات السورية 15 مليار دولار، حوالي 25% من دول الاتحاد الأوروبي، و16% من الدول العربية خصوصًا مصر والسعودية، أما باقي النسب موزعة بين الصين، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، وتركيا. لسوريا اتفاقات تجارة حرة مع العراق، وتركيا، وإيران، ومفاوضات للشراكة الأوروبية أوقفت بنتيجة الأزمة، وعقوبات منذ 2001 من قبل الولايات المتحدة فضلاً عن العقوبات المفروضة على التجارة بنتيجة الأزمة؛ وتبلغ قيمة الدين الخارجي 7.7 مليار دولار تملكه روسيا، وقد شطبت معظمه في يناير 2005.

الاتصالات

التعليم

ينصّ الدستور على كون التعليم حقًا من حقوق كل مواطن، وهو إلزامي في مرحلة التعليم الأساسي ومجاني في جميع المراحل. إلى جانب المدارس التي تديرها الدولة عن طريق وزارة التربية والتعليم، فإنّ القطاع الخاص يستثمر في مجال التعليم أيضًا، مع ملاحظة إجبارية مواد المنهاج التي تصدره الوزارة. التعليم الماقبل الجامعي في سوريا، ينقسم إلى مرحلتين: التعليم الأساسي من 6-15 عام وهو مكوّن من حلقتين، ومرحلة التعليم الثانوي من 15 - 18 عامًا، وتشمل ثلاثة فروع هي العلمي والأدبي والشرعي، وسبعة فروع مهنية هي الصناعي والزراعي والتجاري والسياحي والمعلوماتي والفنّي، وينتهي بنيل الطالب شهادة الثانوية العامة، والتي تؤهله بحسب معدله وبناءً على مفاضلة تصدرها وزارة التعليم العالي اختصاصه النهائي في الجامعات. غالب السوريين يتجه للدراسة في جامعات الدولة، وأقدمها جامعة دمشق. وضعت الدولة عام 1972 قانونًا لمحو الأميّة، غير أنها لم تفلح في تطبيقه تمامًا، وقد انخفضت نسبة الأميين من 19% عام 2000 إلى 14.2% عام 2008، وبهذا تحتل سوريا المرتبة التاسعة عربيًا والمرتبة 119 عالميًا في محو الأمية. ينظم في البلاد سنويًا عدد كبير من المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب أبرزها «معرض دمشق للكتاب»، وتدير الحكومة عددًا من المكتبات وقاعات المطالعة، ولعلّ أبرز المكتبات العامة هي مكتبة الأسد الوطنية. كذلك تحوي المدن مراكز المحافظات ومراكز المناطق على دور ثقافية ومسارح تديرها وزارة الثقافة، وتحوي مكتبات عامّة صغيرة الحجم، وتنظم من خلالها المهرجانات وسائر الأيام الثقافية.

الصحة

الاستثمار في القطاع الصحي، تتدخل به الدولة إلى جانب القطاع الخاص. تقوم الحكومة بإدارة 85 مشفى في الجمهورية أغلبها تخصصي كبير الحجم إلى جانب حوالي 800 مستوصف صحي في المناطق الريفية. يضاف إلى هذه المشافي التابعة لوزارة الصحة، 12 مشفى جامعي يتبع |لوزارة التعليم العالي و18 مشفى عسكري يتبع وزارة الدفاع. أما المشافي الخاصة فقد بلغ عددها عام 2008 حوالي 400 مشفى وتغطي حوالي 25% من مجمل القطاع الصحي، إلى جانب عدد كبير من العيادات الصحية الخاصة التي يقوم بإدارتها الأطباء السوريين، وتخضع بمجملها لرقابة وزارة الصحة. تقتطع الحكومة جزءًا من رواتب الموظفين العاملين في القطاع العام، كتأمين صحي في المنشآت الصحية التابعة لها، وتنص القوانين المرعيّة أنه على شركات القطاع الخاص أيضًا تسجيل عمالها في التأمينيين الصحي والاجتماعي سواءً أكان ذلك في مؤسسات القطاع العام والخاص. يبلغ متوسط عمر المواطنين السوريين 74 عامًا، وهو متقارب مع سائر الدول في المنطقة. على صعيد الصناعة الدوائية، يوجد 65 معملاً للأدوية تتركز معظمها في ريف دمشق وحلب، لتحتل سوريا المركز الثاني عربيًا من حيث الصناعة الدوائية وتقوم بالتصدير لدول الخارج، أما بعض أنواع الأدوية التي لا تقوم المعامل السورية بإنتاجها تستورد وتشكل 20% فقط من مجموع حاجات سوريا للدواء.

المواصلات

الثقافة

العديد من عناصر الثقافة السورية التقليدية مكوّنة من التراكمات المتراكبة للثقافات التي انتشرت في البلاد منذ سوريا الآرامية. الثقافة السورية التقليدية، اندثرت أو تراجعت بشكل كبير، أو اتخذت أشكالاً جديدة مع تطور العصر منذ النصف الثاني للقرن العشرين. هذا يشمل وبدرجات متفاوتة، حضور الحكواتي، والكركوزاتي، والعراضية الشامية، ورقصة السيف والترس، والأمثال الشعبية، والزجل، والسيارين، وارتياد المقاهي التقليدية، وتدخين الأركيلة، ومجالس السمر، والاحتفالات التي تقام في المناسبات الخاصة مثل الولادة أو الختان، وسيطرة القيم الأسرية.

الخط التقليدي للعمارة السورية يشمل نمط البيوت العربية، والتي تجمع بين فساحة المكان، والنور الطبيعي، والخضرة، ووفرة العنصر المائي، مع كثير من الزخرفة والتطعيم في قطع الأثاث؛ كذلك فإنه من الصروح الهامة والتي تعكس فنون العمارة السورية، صروح مثل كاتدرائية القديس سمعان العمودي شمال حلب. منذ نهاية القرن التاسع عشر، انتشرت الصيغ الحديثة للعمارة مثل الأبراج السكنية، وهي ما حلّ تدريجيًا مكان الأنماط التقليدية للبناء؛ تمامًا مثل الأزياء، فباستثناء بعض مناطق الريف الشمالية والشرقية، فإنّ الأزياء التقليدية - المؤلفة من شروال مع قميص وصدرية، أو جلباب في بعض المناطق، مع وضع العمامة أو الطربوش على الرأس بالنسبة للذكور، وعباءة طويلة داكنة اللون بالنسبة للسيدات، زاهية بالنسبة للفتيات، وغالبًا ما تكون مزينة بأقراط ومطرزة مع وشاح يعصب الرأس، بالنسبة للإناث - استبدلت منذ النصف الثاني للقرن العشرين تدريجيًا بالأزياء الحديثة كسراويل الجنيز وغيرها. وإلى جانب الأنماط التقليدية للرسم، والتطعيم، والنحت، تنتشر المدارس المعاصرة لهذه الفنون وسواها.

الأنماط التقليدية من الموسيقا والأغاني، تعرف أساسًا بالقدود الحلبية، ولا تزال واسعة الانتشار، وبشكل خاص فإنّ أشهر مغني التراث السوري هو صباح فخري. تنتشر أيضًا الأنماط الحديثة من الموسيقا المعاصرة لفنانين محليين أو عرب، وقد حقق عدد من الفنانين نجاحًا على مستوى العالم العربي، مثل أصالة نصري، وناصيف زيتون؛ أيضًا فإن البلاد تحوي الأوركسترا السورية. أنماط الرقص التقليدية مثل الدبكة، ورقص السماح، والرقص الشرقي، لا تزال منتشرة إلى جانب الأنماط الحديثة من الرقص خصوصًا في المدن الكبرى. إن المطبخ السوري، يعكس تنوّع حاصلات البلاد الزراعية وغناها، فهناك أصناف تعتمد على اللحوم مثل المحاشي، والمناسف، والكباب، وأخرى تعتمد على البقول مثل الفتة، والفول، والفلافل؛ وأخرى على البقوليات مع أطباق الأرز مثل الملوخية، والفاصولياء وغيرهما؛ ولعلّ الفتوش والتبولة، أشهر أنواع السلطات السورية، بينما تتنوع الحلويات الشامية التي يصطلح عليها اسم الحلو العربي، مع تأثر بالمطبخ التركي. منذ تأسيس الاتحاد السوري لكرة القدم عام 1936، تعتبر كرة القدم الرياضة الأكثر شعبية في البلاد، وينظم سنويًا الدوري السوري لكرة القدم، مع انتشار محدود لرياضات أخرى مثل السباحة، والفروسية، والتنس، وكرة السلة، ورالي اكتشف سوريا. أفضل التنائج التي حققتها الفرض السوري هي نادي الكرامة وصيف بطل آسيا لعام 2006، ونادي أهلي حلب الفائز بكأس آسيا عام 2010، وقد حقق الرياضيون السوريون في الألعاب الأوليمبية، ميداليات بمعدل ميدالية في كل دورة؛ ونظمت البلاد عددًا من الأحداث الرياضية الإقليمية الهامة، مثل دورة ألعاب البحر المتوسط عام 1987، ودورة الألعاب العربية عام 1992. أما الأعياد والمناسبات السنوية التي يحتفل بها في سوريا، مؤسسة على مناسبات دينية للجماعات المختلفة؛ ويسبق الاحتفال بالأعياد الكبرى مثل عيد الفطر، ازدياد في نشاط حركة الأسواق، وزيارة القبور والأقارب والأصدقاء، وأيضًا الحفلات أو الانتقال إلى خارج المدن للتنزه. تعترف الدولة السورية بقائمة تضم 27 مناسبة دينية ووطنية وتعتبرها عطلاً رسمية، أما العطلة الرسمية فهي يومي الجمعة والسبت. المناسبات الوطنية مثل عيد الشهداء، وعيد الجلاء، وهو اليوم الوطني السوري؛ يقام سنويًا أيضًا مجموعة من المهرجانات والمعارض في مختلف المناطق والمدن.

بهدف إبراز التراث الثقافي السوري، والحفاظ عليه تحوي البلاد أعدادًا من المتاحف أهمها المتحف الوطني بدمشق، إلى جانب المتاحف التخصصية والأصغر حجمًا؛ هناك الكثير من التحف السورية معروض في متاحف عالمية مثل متحف اللوفر؛ ومع كون سورية غنية بالمناطق التاريخية والأثرية - 7000 إلى 10.000 موقع أثري - فإنّ فقط 18 موقع مدرج على قائمة التراث العالمي؛ وقد قدرت قيمة الآثار السورية المهربة للخارج خلال الأزمة ملياري دولار حسب بعض المصادر.

اختيرت دمشق عام 2008 كعاصمة للثقافة العربية؛ وكانت حلب قد اختيرت عام 2006 كعاصمة للثقافة الإسلامية.

الإعلام

تأسس المسرح السوري عام 1871 على يد أبو خليل القباني، ويعدّ أول مسرح عربي معاصر؛ وتأسست السينما السورية عام 1927، لتغدو البلاد أحد مراكز صناعة السينما العربية، ومركز مهرجان دمشق السينمائي الدولي. وتعتبر الدراما السورية التلفزيونية أول ميادين الفنون الإعلامية شهرة، وحسب رأي عدد من النقاد تعتبر الأفضل عربيًا، وبعض أركانها استطاعوا الوصول إلى العالمية. تأسست الإذاعة السورية عام 1946، والتلفزيون السوري عام 1959، ومنذ عام 2004 فتح باب الاستثمار بالإذاعات وقنوات التلفزة، وكان قبلاً حكرًا على الدولة، وهو ما دفع لتأسيس عدد منها سواءً كانت مراكزها داخل البلاد أم خارجها، ويقوم غالب السوريين بمتابعة القنوات العربية غير السورية أكثر من تلك السورية. الصحافة السورية تأسست في حلب عام 1854، ولعبت دورًا مؤثرًا في الحياة الثقافية والاجتماعية خلال القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، واحتكرت من قبل الدولة بين 1963 - 2004، وحاليًا يصدر في البلاد عدد من الصحف الخاصة والحكومية المتنوعة، مع انتقادات واسعة حول حرية الصحافة في سوريا. يذكر أن 20% من السوريين يستعملون الإنترنت بشكل دوري حسب قائمة استعمال الإنترنت بشكل دوري.

الآداب

الأدب في سوريا، شعرًا أو نصوصًا أو أدب رحلات، يعدّ جزءًا من الأدب العربي عامة، ويذكر من مواليد المدن السورية أو من قضوا قسمًا من حياتهم فيها البحتري، وأبي تمام، والمتنبي، كالثلاثي الأكثر تميزًا في العصور القديمة، إلى جانب آخرين مثل ديك الجن، والأخطل. في المرحلة الحديثة، برز عدد من الأدباء السوريين على مستوى الأدب العربي، وترجمت أعمالهم للغات مختلفة، يذكر منهم: نزار قباني، وأدونيس، ومحمد الماغوط، وزكريا تامر وكوليت خوري، وسعد الله ونوس، وحنا مينه. على صعيد الفلسفة، فقد خرج من سوريا فلاسفة من مختلف التوجهات مؤثرين بدرجات متفاوتة في محيطهم والعالم، ولعلّ القديس يوحنا الدمشقي الأشهر من مرحلة سوريا الأنتيكية، والفارابي وأبي العلاء المعري من القرون الوسطى، وفرنسيس مراش ورزق الله حسون من مرحلة النهضة العربية. تحوي البلاد مجمع اللغة العربية، هو الأول في العالم، وكان محمد كرد علي أول رئيس له.

انظر أيضًا

  • بلاد الشام
  • تاريخ سوريا
  • كردستان سوريا
  • توزع السكان على المحافظات السورية.
  • سوريون
  • الخطوط الحديدية السورية
  • القوات المسلحة العربية السورية
  • الحروب السورية
  • سوريا الطبيعية
  • الحرب الأهلية السورية

ملاحظات

مراجع

الكتب

  • وديع بشور (1994). سوريا صنع دولة وولادة أمة (ط. الأولى). دمشق، سوريا: دار اليازجي.
  • يوسف الحكيم (1983). سورية والانتداب الفرنسي. بيروت، لبنان: دار النهار.
  • عبد القادر عياش (1989). حضارة وادي الفرات: القسم السوري : مدن فراتية. الاهالي للطباعة والنشر والتوزيع. مؤرشف من الأصل في 26 آب / أغسطس 2020. اطلع عليه بتاريخ 26 آب / أغسطس 2020. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= و|تاريخ أرشيف= (مساعدة)
  • محمد فريد (2014). تاريخ الدولة العلية العثمانية. كتاب Inc. مؤرشف من الأصل في 2022-12-26. اطلع عليه بتاريخ 26 آب / أغسطس 2020. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  • فيليب حتي (1972). تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين. ترجمة: كمال اليازجي. بيروت، لبنان: دار الثقافة.
  • عبد العزيز عوض (1969). الإدارة العثمانية في ولاية سورية 1864-1914. القاهرة، مصر: دار المعارف.
  • قسطنطين بازيلي (1989). تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني. موسكو، الاتحاد السوفيتي: دار التقدم.
  • جمال باروت (1994). حركة التنوير العربية في القرن التاسع عشر : حلقة حلب : دراسة و مختارات. دمشق، سوريا: وزارة الثقافة.
  • ستيفن هامسلي لونغريغ (1978). تاريخ سوريا ولبنان تحت الإنتداب الفرنسي. ترجمة: بيار عقل. بيروت، لبنان: دار الحقيقة للطباعة والنشر.
  • ميشيل ترستيان دافيه (1984). المسألة السورية المزدوجة: سوريا في ظل الحرب الثانية. دمشق، سوريا: دار طلاس للدراسات والنشر.
  • غسان محمد رشاد حداد (2007). أوراق شامية من تاريخ سورية المعاصر 1946 - 1966. مكتبة مدبولى الصغير. ISBN:9789772086276. مؤرشف من الأصل في 10 آب / أغسطس 2020. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ أرشيف= (مساعدة)
  • غوردن تورري (1964). Syrian Politics and the Military, 1945-1958 [السياسة والجيش السوريان 1945 - 1958] (بالإنجليزية). دار نشر جامعة ولاية أوهايو. Archived from the original on 10 آب / أغسطس 2020. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ أرشيف= (help)
  • سورية : التقرير الوطني للتنمية البشرية 2005 : التعليم والتنمية البشرية نحو كفاءة افضل. دمشق، سوريا: رئاسة مجلس الوزراء، هيئة تخطيط الدولة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. 2005.
  • إبراهيم مصطفى المحمود (2011). موسوعة السياسة والحرب في بلاد الشام. دمشق، سوريا: الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة.

وصلات خارجية

  • موقع الاستعلام الإلكتروني للخدمات الحكومية.
  • الموقع الرسمي لمجلس الشعب السوري.
  • القناة الفضائية السورية.
  • بوابة آسيا
  • بوابة الشام
  • بوابة الشرق الأوسط
  • بوابة العالم الإسلامي
  • بوابة العرب
  • بوابة المتوسط
  • بوابة الهلال الخصيب
  • بوابة الوطن العربي
  • بوابة دول
  • بوابة سوريا
  • بوابة عقد 1940

Text submitted to CC-BY-SA license. Source: سوريا by Wikipedia (Historical)



الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان


الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان



الانتداب الفرنسي على سوريا أو الاستعمار الفرنسي (بالفرنسية: Mandat français en Syrie et au Liban)‏، (بالإنجليزية: French Mandate for Syria and the Lebanon)‏، هو الحالة التي شكلت النظام الأعلى للسياسة والمجتمع في سوريا منذ أن هزمت قوات المملكة السورية العربية ضعيفة التسليح والعدد في معركة ميسلون في 24 تموز عام 1920، وحتى تمام جلاء القوات الفرنسية عن كامل التراب السوري يوم 17 نيسان عام 1946، والذي غدا اليوم الوطني السوري، وقد أقرت عصبة الأمم الانتداب رسمياً عام 1922.

يمكن تقسيم الانتداب إلى عدة مراحل تاريخية بدءاً من تقسيم البلاد عام 1920 وإخضاعها للحكم المباشر، إلى الوحدة بين دمشق وحلب في الدولة السورية عام 1925، ثم تمخّض الثورة السورية الكبرى عن انتخابات الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1930 الذي أعلنت بموجبه الجمهورية السورية الأولى، أما الإضراب الستيني فقد أفضى أواخر عهد محمد علي العابد إلى وحدة البلاد ومعاهدة الاستقلال، غير أن فصل لواء إسكندرون واحتجاجات 1939 وكذلك الحرب العالمية الثانية أدت إلى توقيف العمل بالدستور وإعادة البلاد للحكم المباشر، وقد خضعت البلاد لحكومة فيشي حتى عام 1941 حين سيطر عليها الحلفاء، وأعلن شارل ديغول استقلالها وإعادة العمل بالدستور، وبعد الحرب العالمية الثانية أدت انتفاضة الاستقلال إلى تحقيق جلاء الفرنسيين عن كامل التراب السوري.

كان المفوض السامي الفرنسي يقيم في بيروت وله صلاحيات مطلقة في التشريع والتعيين، وكذلك عيّن موظفون فرنسيون في الوزارات والدوائر الحكومية بوصفهم مستشارين، وأما المحاكم فكانت مختلطة من قضاة سوريين وفرنسيين، وبعد إقرار الدستور تقلصت صلاحيات المفوض الفرنسي، غير أنه لم يعتمد الدستور وينشره إلا بعد أن أضاف مادة تنصّ على «تقييد العمل بأي مادة تخالف صك الانتداب»، وكانت الفرنسية اللغة الرسيمة للدولة السورية إلى جانب العربية، وقد ترك الفرنسيون آثارهم على التنظيم الإداري والعسكري السوري، الذي تأثر لاحقًا خلال عهد الجمهورية الثانية بالتنظيم السوفياتي، كما تركوا آثارًا واضحة في تخطيط المدن السورية وتنظيمها.

تاريخ

المملكة العربية السورية

بعد زوال الحكم العثماني أعلن الأمير فيصل تأسيس حكومة عربية في دمشق وكلف الضابط السابق في الجيش العثماني الدمشقي علي رضا الركابي بتشكيلها ورئاستها ولقب بالحاكم العسكري، ولقد ضمت ثلاثة وزراء من جبل لبنان، ووزيراً من بيروت ووزيراً من دمشق وساطع الحصري من حلب، ووزير الدفاع من العراق، محاولاً الإيحاء بأن هذه الحكومة تمثل سوريا الكبرى وليست حكومة على الأجزاء الداخلية من سوريا، كما عين اللواء شكري الأيوبي حاكماً عسكرياً لبيروت وعين جميل المدفعي حاكماً على عمّان وعبد الحميد الشالجي قائداً لموقع الشام وعلي جودت الأيوبي حاكماً على حلب.

وقد سعى الأمير فيصل جاهداً إلى بناء جيش سوري قادر على بسط الأمن والاستقرار والحفاظ على كيان الدولة المزمع إعلانها، وطلب من البريطانيين تسليح هذا الجيش ولكنهم رفضوا، وفي أواخر عام 1918 دعي الأمير فيصل للمشاركة في مؤتمر الصلح الذي انعقد بعد الحرب العالمية في فرساي، حيث زار فرنسا وبريطانيا الذين أكدوا له على حسن نواياهم تجاه سوريا في حين أنهم كانوا من وراء ظهره يقتسمون ما تبقى منها، ويقومون بتعديل اتفاقية سايكس بيكو، وقد طرح فيصل في المؤتمر قيام ثلاث حكومات عربية في كل من الحجاز وسوريا والعراق، وفي المؤتمر اقترح الأمريكيون نظام الانتداب، كما اقترحوا إرسال لجنة لاستفتاء الشعب حول رغباتهم السياسية وعرفت بلجنة كينغ كراين فوافق الفرنسيون والبريطانيون مكرهين على إرسال اللجنة الأمريكية.

عاد الأمير فيصل إلى سوريا في 23 نيسان عام 1919 استعداداً لزيارة اللجنة الأمريكية، بعد أن وكل عنه في عضوية مؤتمر الصلح عوني عبد الهادي، حيث عُقد اجتماع شعبي كبير برئاسة محمد فوزي العظم في صالة النادي العربي بدمشق، وألقى الأمير فيصل كلمة الافتتاحية التي وضح فيها هدف اللجنة الأمريكية التي ستصل وطبيعة مهمتها، وزارت اللجنة التي استغرقت مدة تواجدها في المنطقة 42 يوماً 36 مدينة عربية، واستمعت إلى 1520 وفداً من قرى مختلفة، وقدمت إليها 1863 عريضة، جميعها طالبت بالاستقلال والوحدة، وفي 3 تموز 1919، قابل وفد المؤتمر السوري اللجنة الأمريكية، وأبلغوهم بطلبهم باستقلال سورية الكبرى وإقامة نظام ملكي فيها.

بعد انتهاء اللجنة الأمريكية كينغ كراين من عملها جاء في توصياتها «إن بلاد الشام ترفض السيطرة الأجنبية، ويُقترح فرض نظام الانتداب تحت وصاية عصبة الأمم المتحدة حيث أن العرب مجتمعين على أن يكون الأمير فيصل ملكاً على الأراضي العربية دون تجزئتها»، وسلمت اللجنة تقريرها إلى الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في 28 آب عام 1919 الذي كان مريضاً، وأهمل التقرير بعد تغيير ويلسون موقفه بسبب معارضة كبار الساسة الامريكيين في مجلس الشيوخ (الكونغرس) له، لمخالفته السياسة الانعزالية التي تتبعها أمريكا منذ عام 1833، والتي تقضي بعدم التدخل في شؤون أوروبا وعدم تدخل أوروبا بشؤون أمريكا.

قبل الأمير فيصل تحت الضغط عقد اتفاقية مع فرنسا ممثلة برئيس وزرائها جورج كليمانصو وعرفت باسم اتفاق فيصل كليمانصو ومن أبرز بنودها:

  • الانتداب الفرنسي على سوريا مع احتفاظ البلاد باستقلالها الداخلي، وتعاون سوريا مع فرنسا فيما يخصّ العلاقات الخارجية والمالية، وأن يقيم سفراء سوريا في الخارج ضمن السفارات الفرنسية.
  • الاعتراف باستقلال لبنان تحت الوصاية الفرنسية الكاملة، وبالحدود التي سيعينها الحلفاء من دون بيروت.
  • تنظيم دروز حوران والجولان في فيدرالية داخل الدولة السورية.

وفي أواخر حزيران من العام 1919، دعا الأمير فيصل المؤتمر السوري العام إلى الانعقاد، وكان يعتبره بمثابة برلمان بلاد الشام وقد تألف من 85 عضوًا، غير أن فرنسا منعت بعض النواب من الحضور إلى دمشق، فافتتح المؤتمر بحضور 69 نائبًا وكان من أبرز أعضائه:

  1. تاج الدين الحسيني وفوزي العظم والد خالد العظم ممثلين عن دمشق.
  2. إبراهيم هنانو ممثلاً عن قضاء حارم.
  3. سعد الله الجابري ورضا الرفاعي ومرعي باشا الملاح والدكتور عبد الرحمن كيالي ممثلين عن حلب.
  4. حج فاضل العبود ممثلاً عن دير الزور ومنطقة وادي الفرات.
  5. حكمت الحراكي ممثلاً عن المعرة.
  6. عبد القادر الكيلاني وخالد البرازي ممثلين عن حماة.
  7. أمين الحسيني وعارف الدجاني ممثلين عن القدس.
  8. سليم علي سلام وعارف النعماني وجميل بيهم ممثلين عن بيروت.
  9. رشيد رضا وتوفيق البيسار ممثلين عن طرابلس.
  10. سعيد طليع وإبراهيم الخطيب ممثلين عن جبل لبنان.

وانتخب هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، ومرعي باشا الملاح ويوسف الحكيم نائبين للرئيس، وقرر المؤتمر رفض اتفاق فيصل كليمانصو والمطالبة بوحدة سوريا واستقلالها وقبول انتداب أمريكا وبريطانيا ورفض الانتداب الفرنسي ولكن على أن يكون مفهوم الانتداب هو المساعدة الفنية فقط.

توترت العلاقة بين فيصل وغورو في أعقاب تراجع فيصل عن اتفاقه مع الفرنسيين وانحيازه للشعب، وطلبت الحكومة السورية ثلاثين ألف بدلة عسكرية لتنظيم الجيش ومن جهة أخرى سقطت حكومة |كليمنصو في فرنسا وحلّت حكومة ألكسندر ميلران اليمينية المتطرفة بدلاً منها، فتنصلت فرنسا من الاتفاق فعلياً، وفي منتصف تشرين الثاني من العام 1919 بدأت القوات البريطانية الانسحاب من سورية بعد تواجد دام حوالي عام واحد.

وفي 8 آذار عام 1920، عقد المؤتمر السوري العام بدمشق برئاسة هاشم الأتاسي وبحضور الأمير فيصل وأعضاء الحكومة، واستمر لمدة يومين بمشاركة 120 عضواً من أعضاء المجلس الوطني السوري وخرج المؤتمر بالقرارات التالية:

  1. استقلال البلاد السورية بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً.
  2. اختيار سمو الأمير فيصل بن الحسين ملكاً دستورياً على البلاد بالإجماع ويلقب صاحب الجلالة.
  3. النظام السياسي للدولة مدني نيابي ملكي.
  4. تعيين حكومة ملكية مدنية، وتم تعيين علي رضا الركابي القائد العام للحكومة، ويوسف العظمة وزيراً للدفاع السوري، وتحويل اللغة الرسمية من التركية إلى العربية في جميع المؤسسات الحكومية والدوائر الرسمية المدنية والعسكرية والمدارس، وإلغاء التعامل بالعملة التركية واستبدالها بالجنيه المصري، ثم أصبح التعامل بالدينار السوري.
  5. رفض وعد بلفور الصهيوني في جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود أو وطن هجرة لهم.
  6. رفض الوصاية البريطانية والفرنسية على العرب.

رفض الحلفاء الاعتراف بالدولة الوليدة وقرروا في نيسان من عام 1920 خلال مؤتمر سان ريمو المنعقد في إيطاليا تقسيم البلاد إلى أربع مناطق تخضع بموجبها سوريا ولبنان للانتداب الفرنسي والأردن وفلسطين للانتداب البريطاني، وإن كان لبنان ومعه الساحل السوري وكذلك فلسطين لم تدخل عسكريًا تحت حكم المملكة نظرًا لكون جيوش الحلفاء فيها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.

رفضت الحكومة وكذلك المؤتمر العام مقررات مؤتمر سان ريمو، وأبلغوا دول الحلفاء بذلك تباعًا بين 13 و21 أيار من العام 1920، وكانت الأصوات تتعالى في سوريا للتحالف مع كمال أتاتورك في تركيا، أو الثورة البلشفية في روسيا، وقد شهدت حلب لقاءات بين وزير الحربية يوسف العظمة، ووفد تركي ممثل لكمال أتاتورك، حول دعم السوريين في نضالهم ضد فرنسا، غير أن تلك اللقاءات لم تؤد إلى نتيجة بسبب أن أتاتورك كان يستغل السوريين لتحسين شروط تفاوضه مع الفرنسيين، فأدار ظهره للسوريين وعقد اتفاقا مع فرنسا عُرف بمعاهدة أنقرة عام 1921، التي شملت تنازل سلطة الاحتلال الفرنسي عن الأقاليم السورية الشمالية وانسحاب الجيش الفرنسي منها، وتسليمها للسلطة التركية الوليدة.

سوريا تحت الانتداب الفرنسي

كان لإعلان قيام المملكة العربية السورية تداعياته على المستوى الداخلي، فقد وصل التوتر إلى أوجه في سوريا ولبنان، وتعددت الصدامات حيث هاجم بعض المسلمين قرى مسيحية في البقاع رداً إلى إصرار البطريرك الماروني إلياس الحويك ومعه مجلس إدارة جبل لبنان على استقلال لبنان، وفي 5 تموز عام 1920 أوفد فيصل مستشاره نوري السعيد للقاء الجنرال الفرنسي غورو (Henri Joseph Eugène Gouraud) في بيروت، فعاد السعيد إلى دمشق في 14 تموز عام 1920 مزوداً بإنذار عرف باسم «إنذار غورو» وحددت مدة أربعة أيام لقبوله، وشمل خمس نقاط وهي:

  1. قبول الانتداب الفرنسي.
  2. التعامل بالنقد الورقي الذي أصدره مصرف سوريا ولبنان في باريس.
  3. الموافقة على احتلال القوات الفرنسية لمحطات سكك الحديد في رياق وحمص وحلب وحماة.
  4. حل الجيش السوري وإيقاف عمليات التجنيد الإجباري، ومحاولات التسليح.
  5. معاقبة من تورط في عمليات عدائية ضد فرنسا.

جمع الملك فيصل وزرائه لمداولة الأمر بينهم فكان رأي الكثيرين منهم النزول عند مطالب غورو ومهادنته وقبول الإنذار وهنا برز الموقف الرجولي لوزير الحربية يوسف العظمة الذي عارض قبول الإنذار بشدة وحاول بكل الوسائل ثني الملك فيصل عن الاستجابة لتهديد الفرنسيين بحل الجيش العربي السوري، وبعد أن يئس من تغيير الملك لرأيه أنشد عليه بيت الشعر الشهير للمتنبي:

وبالرغم من قبول الحكومة السورية للإنذار والعدول عن فكرة المقاومة وقبول مطالب الجنرال غورو والأمر بتسريح الجيش السوري وسحب الجنود من روابي قرية مجدل عنجر مخالفة بذلك قرار المؤتمر السوري العام ورأي الشعب المتمثل بالمظاهرات الصاخبة المنددة بالإنذار وبمن يقبل به، وإرسال الملك فيصل خطاباً إلى الجنرال غورو بالموافقة على الشروط وحل الجيش، بدأت القوات الفرنسية بالزحف بإمرة الجنرال غوابيه (بأمر من الجنرال غورو) باتجاه دمشق في تاريخ 24 تموز عام 1920 بينما كان الجيش السوري المرابط على حدود يتراجع منفضاً، ولمّا سُئل الجنرال غورو عن هذا الأمر أجاب بأن برقية فيصل بالموافقة على بنود الإنذار وصلت إليه بعد انتهاء المدة.

لم يكن أمام أصحاب الغيرة والوطنية إلا المقاومة حتى الموت وكان على رأس هذا الرأي وزير الحربية يوسف العظمة، الذي عمل على جمع ما تبقى من الجيش مع مئات المتطوعين والمتطوعات الذين اختاروا هذا القرار واتجهوا لمقاومة القوات الغازية الفرنسية الزاحفة باتجاه دمشق، وقد أراد العظمة بخروجه أن يحفظ لتاريخ سورياالعسكري هيبته ووقاره، فقد كان يخشى أن يسجل في كتب التاريخ أن الجيش السوري قعد عن القتال ودخل المحتل عاصمته دون مقاومة، كما أراد أن يسجل موقفاً أمام الشعب السوري نفسه بأن جيشه حمل لواء المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي منذ اللحظة الأولى، وإن ذلك سيكون نبراساً للشعب السوري في مقاومته للمحتل، فقد كان يدرك أن من يهن يسهل الهوان عليه، وهوان الجيش قد تكون له عواقب وخيمة على البلاد ومستقبل المقاومة.

وقد تألفت قوات الجنرال غوابيه من الآتي:

  1. لواء المشاة (415).
  2. لواء الرماة الجزائريين الثاني.
  3. لواء سنغالي من الرماة الإفريقيين.
  4. لواء من السباهي المغاربة.
  5. خمس نضائد صحراوية، ومثلها جبلية، ونضيدتين من عيار 515.

وقد بلغ مجموع القوى الفرنسية تسعة آلاف جندي، يظاهرها طيارات ودبابات ورشاشات عديدة، بينما لم يتجاوز الجيش السوري الثلاثة آلاف جندي غالبيتهم من المتطوعين.

في الساعة التاسعة من يوم 24 تموز عام 1920 بدأت المعركة عندما بدأت المدفعية الفرنسية في التغلب على المدفعية السورية، وبدأت الدبابات الفرنسية بالتقدم باتجاه الخط الأمامي للقوات المدافعة، ثم أخذ جنود السنغال الفرنسيين يحملون على ميسرة الجيش السوري المؤلف في معظمه من المتطوعين، وهاجم عدد من الخونة ميسرة الجيش السوري من الخلف وقضى على الكثير من الجنود وسلب منهم أسلحتهم، ولم يعبأ يوسف العظمة بهذه المصائب، وبقي بهمته وثباته وعزيمته، وكان قد زرع الألغام على رؤوس وادي القرن وهو ممر الجيش الفرنسي آملاً بأنه عند صعود الدبابات تنفجر الألغام، إلا أن الخونة قد سبقوا وقطعوا أسلاك الألغام، وقد قُبض على بعضهم وهم ينفذون خيانتهم، ولكن سبق السيف العذل، فلما اقتربت الدبابات أمر العظمة بتفجير الألغام فلم تنفجر وتقدم ففحصها بنفسه فرأى أكثرها معطلة تماماً وأسلاكها مقطوعة، ثم سمع ضجة من خلفه فالتفت فرأى أن الكثير من أفراد جيشه والمتطوعين قد جرحوا وأصيبوا وتفرقوا على أثر قنبلة سقطت من إحدى الطائرات، فلم يسعه إلا أن عمد إلى بندقيته وهي آخر ما بقي لديه من قوة فلم يزل يطلق نيرانه على العدو حتى مقتله يوم الأربعاء 24 تموز عام 1920.

تقسيم الأراضي السورية

تشكيل الدويلات السورية

أراد الجنرال غورو معاقبة السوريين بسبب تصديهم للقوات الفرنسية في معركة ميسلون فأصدر ما بين عامي 1920 و 1921 عدة مراسيم هدفها تقسيم سوريا على أساس طائفي وقد دافع غورو عن سياسته التقسيمية في الجمعية الوطنية الفرنسية بأن هذه المكونات غير متمازجة مع بعضها البعض، وقد أفضت المراسيم عن إنشاء ستة دويلات مستقلة وهي:

  • دولة دمشق (1920 إلى 1925).

وتشمل مدن حمص وحماة ووادي نهر العاصي إلى جانب دمشق العاصمة، وقد فقدت الدولة الجديدة أربعةً من أقضيتها الفرعية التي كانت من ضمن دمشق في الفترة العثمانية وضمت إلى جبل لبنان ذي الأغلبية المسيحية من أجل تكوين دولة لبنان، والمقاطعات الأربع المنزوعة هي صيدا وطرابلس الشام وبيروت وسهل البقاع وتمثل اليوم محافظات بيروت والبقاع وشمال لبنان وجنوب لبنان والنبطية، وقد بقيت دولة دمشق ومن بعدها الدولة السورية تطالب بعودة هذه المقاطعات إلى سوريا بالإضافة إلى معارضة سكان هذه المقاطعات لعملية الفصل.

  • دولة حلب (1920 إلى 1925).

امتدت في مناطق الشمال السوري بالإضافة إلى منطقة حوض نهر الفرات في شرق سوريا، وضمت عدة مدن مثل دير الزور والرقة والحسكة إلى جانب مدينة حلب العاصمة، وكان غالبية السكان من العرب السنة (83.1%) بالإضافة لتواجد الكثير من التجمعات المسيحية واليهودية ويوجد في الدولة أيضا أقليات من الشيعة والعلويين، كما سكنها الأرمن المهجرين أيام الإبادة الأرمنية والكرد، والشركس والآشوريين وخاصةً في مناطق شمال مدينة حلب جنبا إلى جنب مع العرب، وتعتبر هذه المنطقة من أكثر المناطق خصوبة ووفرة بالمعادن.

  • دولة العلويين (1920 إلى 1936).

وتشمل محافظة طرطوس وبعض المناطق مثل سقيلبية وتلكلخ وجسر الشغور إلى جانب اللاذقية العاصمة، ويتألف سكانها من عدة طوائف مثل العلويين في الجبل والسنة في الساحل مع تواجد لقليل من المسيحيين والإسماعيليين.

  • دولة لبنان الكبير (1920 إلى 1926).

ضم بيروت العاصمة مع أقضيتها وتوابعها (صيدا وصور ومرجعيون وطرابلس وعكار) والبقاع مع أقضيته الأربعة (بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا)، فاتسعت مساحته من 3500 كلم مربع إلى 10452 كلم مربع، وازداد سكانه من 414 ألف نسمة إلى 628 ألفاً، ، وقد رفض مسلمو دولة لبنان الكبير في أكثريتهم الدولة والكيان الوطني اللبناني عند نشوئه بينما رحب معظم المسيحيين بالانفصال وتشكيل الدولة الجديدة، وفي 23 أيار عام 1926 أقر مجلس الممثلين الدستور وأعلن قيام الجمهورية اللبنانية.

  • دولة جبل الدروز (1921 إلى 1936).

وضم منطقة السويداء وفي البدايات أطلق عليه تسمية دولة السويداء وفي عام 1927 غير الاسم إلى دولة جبل الدروز، وحسب الإحصاء الذي نظمته سلطات الانتداب الفرنسي في الفترة ما بين عامي 1921 و 1922 شكل الدروز الغالبية العظمة من سكان الدولة وبنسبة 84.4% والمسيحيون 13.8% والسنة 1.4%.

  • لواء الاسكندرون المستقل 1921، وأعطيت الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية خلال معاهدة أنقرة وترسيم الحدود بين القوة الاستعمارية وتركيا.

الثورات السورية خلال فترة الانتداب

الثورة السورية الكبرى

سير وأحداث الثورة

سعى الكولونيل كاترو الذي أوفده الجنرال غورو إلى جبل العرب إلى عزل الدروز عن الحركة الوطنية السورية، وأبرم في 4 آذار عام 1921 معاهدة مع العشائر الدرزية نصت على أن يؤلف جبل الدروز وحدة ادارية خاصة مستقلة عن دولة دمشق لها حاكم محلي ومجلس تمثيلي منتخبان، مقابل اعتراف الدروز بالانتداب الفرنسي، ونتيجة المعاهدة عين سليم الأطرش كأول حاكم درزي للجبل.

لم يرتح سكان الجبل للإدارة الفرنسية الجديدة، وحدث أول صدام معها في تموز من عام 1922 باعتقال المجاهد أدهم خنجر الذي كان قادماً إلى سلطان الأطرش حاملاً رسالة اليه، وقد اعتقله الفرنسيون بتهمة اشتراكه في الاعتداء على الجنرال غورو في حوران، وطلب سلطان الأطرش من القائد الفرنسي في السويداء تسليمه أدهم خنجر فأعلمه بأنه في طريقه إلى دمشق، فكلف الأطرش مجموعة من أنصاره بمهاجمة القافلة المسلحة المرافقة للمعتقل، ولكن الفرنسيون تمكنوا من نقله إلى لبنان وفي 30 أيّار عام 1923 أعدموه في بيروت.

وقد أقدم الفرنسيون على تدمير منزل سلطان باشا الأطرش في القريا في أواخر آب عام 1922 رداً على هجومه على قواتهم، وعندها قاد الأطرش الثوار الدروز طيلة عام في حرب عصابات ضد القوات الفرنسية، واستقدمت فرنسا قوات كبيرة للقضاء على الثوار مما اضطر الأطرش إلى اللجوء إلى الأردن في أواخر الصيف من عام 1922، وتحت الضغط البريطاني سلم الأطرش نفسه للفرنسيين في نيسان عام 1923 بعد أن أتفق معهم على عقد هدنة.

توفي سليم الأطرش مسموماً في دمشق عام 1924، وعين الفرنسيون الكابتن كاربييه Carbillet حاكماً على الجبل خلافاً للإتفاق المبرم مع الدروز، حيث راح ينكل بالأهالي ويعرضهم للسجون وأعمال السخرة والملاحقة، كما عمل على تطبيق سياسة فرق تسد بإثارة الفلاحين ضد الاقطاعيين وعلى رأسهم آل الأطرش، وهو ما دفع أهالي مدينة السويداء إلى الخروج في مظاهرة عارمة احتجاجاً على ممارسات السلطات الفرنسية، الأمر الذي سرع موعد اندلاع الثورة.

ضاق الدروز بممارسات الكابتن كاربييه وهو ما دفعهم إلى إرسال وفد إلى بيروت في 6 حزيران من العام 1925 لتقديم وثيقة تطالب المفوض السامي موريس بول ساراي بتعيين حاكم درزي على الجبل بدلاً من الكابتن كاربييه Carbillet بسبب ممارساته السيئة بحق أهالي الجبل ومن بعض هذه الممارسات حسبما ورد في مذكرات الدكتور عبد الرحمن الشهبندر:

  1. تخصيص عدد من رجال الجندرمة لضرب الناس وإهانتهم تنفيذاً لرغبات الكابتن كاربييه ورجال حاشيته.
  2. اعتقال حامد قرقوط من أعيان قرية ذيبين خمسة أشهر بدون سبب ولا محاكمة وكان يهان ويضرب صباحاً ومساءاً.
  3. جلد حسين كبول من قرية كفر اللحف حتى تمزق جلده، لأنه أهمل أن يحيي الكبورال ديوشيل أثناء مروره في الطريق العام.
  4. اعتقال وهبة العشعوش في السويداء وضربه ضرباً مبرحاً لانه رفض تأجير منزله.
  5. إطلاق الكبورال ديوشيل عدة طلقات من مسدسه على محمد بك الحلبي مدير العدلية العام، ولم يلقى أي عقاب على عمله الجنائي هذا.
  6. اعتقال حسين صدّيق لمدة خمسة عشر يوماً لأنه لم يذهب لاستقبال الكابتن كاربييه، مع فرض غرامة قدرها 25 ليرة ذهبية على القرية لأنها لم تستقبله استقبالاً فخماً، وقد فرضت هذه الغرامة على قرية عرمان للسبب ذاته.
  7. اعتقال فهد بك الأطرش قائمقام صلخد وضربه ضرباً مبرحاً دون تحقيق بناءاً على وشاية بسيطة من أحد الجواسيس.
  8. فرض غرامة على أهالي السويداء قدرها 10 ليرات ذهبية لضياع قطة الليوتينان موديل زوجة أحد ضباط الحامية الفرنسية.

طرد المفوض السامي ساراي وفد الجبل ورفض مقابلتهم وأخطرهم بوجوب سرعة مغادرتهم بيروت والعودة إلى بلادهم وإلا نفاهم إلى تدمر، فكان ذلك السبب المباشر لاندلاع الثورة السورية، حيث دعا سلطان باشا الأطرش إلى عقد اجتماع في السويداء وطافت المظاهرات أنحاء الجبل وجرى الاتصال مع عدد من الزعماء السياسيين في دمشق وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر رئيس حزب الشعب للتشاور وتنسيق المواقف، ومع أن حزب الشعب أعلن أنه يسعى لتحقيق مبادئه وبرنامجه بالطرق القانونية المشروعة، فقد تم التعاهد بين عدد من أعضائه بصفة شخصية ووفد من الجبل على إشعال نار الثورة في سورية، واتفق الطرفان على التعاون من أجل طرد الفرنسيين من سورية وتحقيق الاستقلال والوحدة.

في تلك الفترة بدا جلياً للدكتور عبد الرحمن الشهبندر أن سورية تعيش مخاض الثورة وأن الشعب السوري مقدمٌ لا محال على نيل حريته واستقلاله، فبدأ الإتصال بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثهم على الثورة ضد الاستعمار الفرنسي ويشحن هممهم ويعزز شعورهم الوطني ويطلب منهم بدء الكفاح المسلح لنيل الإستقلال، وكان هدف الشهبندر تشتيت القوات الفرنسية جغرافياً لإضعاف قوتها ولتخفيف الضغط عن العاصمة دمشق وجبل العرب.

ولتحقيق هذا الهدف تواصل عبد الرحمن الشهبندر مع الزعيم إبراهيم هنانو في المنطقة الشمالية، الذي كان سباقاً في مقاومة قوات الاستعمار الفرنسي منذ أن وطئت الساحل السوري في أوائل العام 1920، وقد دامت أعمال المجاهدين في المنطقة الشمالية حتى 15 نيسان 1926 ومن أهم المعارك التي جرت في تلك الفترة معركة تل عمار، والتي كانت آخر معارك الثورة في تلك المنطقة، وجرت في أوائل شهر نيسان 1925.

كما اجتمع الشهبندر مع الوجيه محمد بك العيّاش في دمشق واتفق معه على مد الثورة إلى المنطقة الشرقية، واستطاع العيّاش تشكيل مجموعات ثورية لضرب القوات الفرنسية في مدينة دير الزور، وبالفعل وجه الثوار ضربات مؤلمة للقوات الفرنسية وكان آخرها قتل ضباط فرنسيين في منطقة عين البو جمعة على طريق دير الزور الرقة، ونتيجة الحادثة قامت الطائرات الفرنسية بقصف القرى قصفاً مدمراً وتهدمت البيوت على رؤوس الأطفال والنساء واشتعلت النيران في المزروعات والبيادر، وهلكت الماشية فكان قصفاً مرعباً ومدمراً والخسائر البشرية والمادية جسيمة، كل ذلك من أجل الضغط على الأهالي لتسليم الثوار، وقد قتل نتيجة القصف رجلين وامرأة كانت حاملاً، ومن الجرحى العشرات الذين أصيبوا بالرصاص وبشظايا قنابل الطائرات.

جرت محاكمة الثوار في مدينة حلب، وفي 5 آب عام 1925 أصدر المفوض السامي الفرنسي موريس بول ساراي في بيروت قراراً برقم (49 أس) بنفي جميع أفراد أسرة عياش الحاج من مدينة دير الزور إلى مدينة جبلة، وحكم على محمود العيّاش مع اثني عشر ثائراً من رفاقه بالإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في 15 ايلول عام 1925 في مدينة حلب، كما حكم على محمد العيّاش بالسجن لمدة 20 عامًا في جزيرة أرواد في محافظة طرطوس، وإمعاناً بالتشفي والانتقام اغتالت السلطات الفرنسية عميد الأسرة عياش الحاج في أوائل عام 1926 وأقيمت صلاة الغائب على روح هذا المجاهد في كافة البقاع السورية.

وكان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على تواصل مع القائد فوزي القاوقجي الذي كان يتحضر لإضرام الثورة في مدينة حماة على الرغم من أنه كان معروفاً بولائه الشديد للفرنسيين ونال في جيشهم رتبة عالية ومركزاً (قيادة الجيش الوطني في حماة) قلما يناله غيره من السوريين، ولكن القاوقجي حسبما ورد في مذكرات الشهبندر كان مستاءاً من إلقاء وجهاء وعلماء مدينة حماة في السجون وأهانتهم، وتقسيم البلاد إلى حكومات، واستخدام الأسافل في الوظائف، ورفع الضرائب على المكلفين وإذكاء النعرات الطائفية بين أفراد الشعب السوري، وفي 4 تشرين الأول عام 1925 أعلن القاوقجي الثورة في حماة وضواحيها وكاد أن يستولي على المدينة لولا قصف الطائرات العنيف للأحياء الشعبية فخرج إلى البادية لإثارة القبائل ضد الفرنسيين وتخفيف الضغط عن الثوار في المناطق الأخرى، وقد حقق انتصارات مهمة على القوات الفرنسية وحامياتها وثكناتها وأنزل بها خسائر فادحة حتى أسند إليه مجلس الثورة الوطني قيادة الثورة في منطقة الغوطة ومنحه سلطات واسعة.

وفي 11 تموز عام 1925، أرسال المفوض السامي الفرنسي موريس بول ساراي رسالة سرية إلى مندوبه في دمشق يطلب منه أن يستدعي بعضاً من زعماء الجبل بحجة التباحث معهم بشأن مطالبهم ليقوم بالقبض عليهم وإرسالهم منفيين إلى تدمر والحسكة، وقد نفذ المندوب هذه الخدعة الدنيئة فعلاً ومن الزعماء الذين تم نفيهم إلى تدمر (عقلة القطامي، الأمير حمد الأطرش، عبد الغفار الأطرش، نسيب الأطرش)، و (برجس الحمود، حسني عباس صخر، علي الأطرش، يوسف الأطرش، علي عبيد) نفوا إلى الحسكة.

ونتيجةً للسياسات والممارسات الفرنسية أقدم سلطان باشا الأطرش على إعلان الثورة في 21 تموز عام 1925، من خلال إذاعة بيان سياسي وعسكري يدعو الشعب السوري إلى الثورة على الانتداب الفرنسي، وجاء فيه:

بدء سلطان باشا الأطرش بشن الهجمات العسكرية على القوات الفرنسية وأقدم على حرق دار المفوضية الفرنسية في صلخد ثاني أكبر مدينة في الجبل بعد السويداء واحتلها، وفي أوائل أيلول من عام 1925 هاجم الأطرش قوة فرنسية في بلدة الكفر بقيادة الكابتن نورمان وفتك رجاله بها ولم يفلت من الفرنسيين إلا بضعة أفراد، ولم يزد عدد الثوار عن مئتين بينما تجاوز عدد الجنود المائتين والستين بينهم عدد كبير من الضباط الفرنسيين، وقتل في المعركة أربعون ثائراً منهم مصطفى الأطرش شقيق سلطان باشا الأطرش.

جن جنون ساراي للهزيمة التي وقعت بقواته، وأمر بتجهيز حملة كبيرة لتأديب الثوار يتجاوز عددها الخمسة الاف جندي وعلى رأسها الجنرال ميشو وهي مجهزة بأحسن العتاد وأحدث الألات ومدعومة بالطائرات الحربية، وفي اليوم الأول من أب عام 1925 اشتبكت الحملة مع قوات الثوار في بلدة ازرع وكان عدد الثوار يقارب الثلاثة ألاف وانهزم الثوار في المعركة، وما إن حل المساء حتى هاجم الثوار مؤخرة القوات الفرنسية حيث الذخائر والمؤن واستولوا عليها وقتلوا الكثير من الجنود الفرنسيين، وفي صباح اليوم التالي تقدم مئة وسبعة عشر مجاهداً من السويداء ولحق بهم أربعمائة مجاهد من أهالي المجدل ونجران وسليم وغيرها من القرى القريبة، واشتبكوا مع القوات الفرنسية في قرية المزرعة، حيث أبيدت القوات الفرنسية ولم يسلم منها إلا زهاء الألف ومائتي جندي فروا إلى السكة الحديدية في قرية أزرع ليستقلوا القطار الذاهب إلى العاصمة دمشق، وقتل في المعركة المجاهد حمد البربور من قرية أم الرمان وكان اليد اليمنى لسلطان باشا الأطرش.

وفي 20 آب عام 1925 أرسل حزب الشعب وفداً للاجتماع بسلطان باشا الأطرش ومناقشة انضمام دمشق للثورة وضم الوفد توفيق الحلبي وأسعد البكري وزكي الدروبي، وتصادف وجود الوفد مع وجود الكابتن رينو مندوب ساراي الذي كان يفاوض الثوار باسم السلطات الفرنسية لعقد معاهدة سلام واستطاع وفد حزب الشعب اقناع الثوار بعدم التوقيع على المعاهدة، وفي أواخر آب عام 1925 اجتمعت قيادات حزب الشعب ومنهم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر مع سلطان باشا الأطرش في قرية كفر اللحف واتفقوا على حشد خمسمائة مجاهد للهجوم على دمشق من ثلاث محاور ولكن هذا العدد لم يجتمع لدى سلطان باشا كما أن القوات العسكرية التي بدء الجنرال غملان بحشدها على طول السكة الحديدية في حوران جعلت قيادات الثوار تُعرض عن خطة مهاجمة دمشق وتتفرغ للتصدي للحملة الفرنسية، واتفق الثوار على الزحف باتجاه قرية المسيفرة للتصدي للحملة الفرنسية الجديدة، وفي 17 أيلول عام 1925 شنو هجوماً ليلياً على القوات الفرنسية المتحصنة فيها وكاد أن يكون النصر حليفهم لولا تدخل الطائرات الفرنسية التي أجبرتهم على الانسحاب، وكانت خسائر الفرنسيين كبيرة تجاوزت التسعمائة جندي علاوة على العتاد والأليات بينما خسر الثوار أقل من مائتي مقاتل، ثم دارت معارك بين الثوار والقوات الفرنسية الزاحفة باتجاه السويداء واضطر الفرنسيون بعد احتلال مؤقت للمدينة إلى الانسحاب بعد أن قررت قيادة الثورة مد نطاقها إلى الشمال لتخفيف الضغط على الجبل.

وفي 4 تشرين الأول عام 1925، قاد فوزي القاوقجي الثوار والبدو من قبيلة الموالي في معرة النعمان وجوارها، وكاد أن يسيطر بقواته على مدينة حماة لولا تدخل الطائرات الفرنسية والتزام أعيان ووجهاء حماة الحياد واختبائهم في منازلهم ليروا ما يكون من أمر الثورة، فإذا نجحت فهم المؤسسون لها وإن فشلت فهم بعيدون عن عواقبها، على أن ذلك لا يعني أن ثورة حماة لم تأتي بثمارها بل على العكس فقد أدت إلى انسحاب القوات الفرنسية من مدينة السويداء بناءاً على طلب من المفوض السامي الفرنسي ساراي لدعم الحامية الفرنسية في مدينة حماة.

وامتدت الثورة إلى غوطة دمشق ودارت فيها معارك ضارية بين الثوار بقيادة المجاهد حسن الخراط والفرنسيين، وكانت أولى المعارك في قرية المليحة أو ما أطلق عليها الثوار معركة الزور الأولى، التي قتل فيها عدد من الجنود الفرنسيون وغنم فيها الثوار 29 حصاناً، وفي 18 أكتوبر عام 1925 دخل الثوار دمشق وكان على رأسهم نسيب بك البكري ثم انضم إليهم ثوار الشاغور وباب السلام بزعامة حسن الخراط وبقي الثوار أربعة أيام كاملة سحقوا بها جميع الجنود المعتصمين في المتاريس في حي الشاغور والميدان واضطر الجنود الفرنسيون إلى اللجوء إلى القلعة مع عوائلهم واحتموا بأبراجها.

أمر ساراي قواته بضرب دمشق بالمدافع من القلاع، وقد دمر القصف ما يزيد عن ستمائة منزل كما نهب الجنود الفرنسيون المخازن والمحال، وقد وصل لمسامع الثوار أن الجنرال ساراي قدم لدمشق لزيارة قصر العظم في البزورية، فقرروا خطفه، ولذلك دخلوا المدينة من جهة الشاغور ووصلوا إلى القصر لكن ساراي كان قد غادره على وجه السرعة، فاشتبك الثوار مع الجنود الفرنسيين واشتعلت النيران في القصر لضراوة المعركة، واستمرت المعارك بين ثوار الغوطة والقوات الفرنسية، فحدثت معركة الزور الثانية في 17 تشرين الثاني 1925، ومعركة يلدا وببيلا في 19 تشرين الثاني 1925، ومعركة حمورة في 17 كانون الأول 1925، ومعركة النبك في 14 و 15 أذار 1926.

في أواخر تشرين الأول عام 1925، كان ثوار الجبل يتجمعون في المقرن الشمالي ثم ساروا باتجاه الغرب فاحتلوا اقليم البلان ثم بلدة حاصبيا دون أدنى مقاومة من الحامية الفرنسية التي فضل قائدها الانسحاب عندما علم بوصول الثوار، ثم توجه الثوار إلى بلدة راشيا بعد أن علموا أن معركة قوية وقعت بين دروز البلدة وبين حاميتها الفرنسية، وبعد قتال شديد تمكنوا من دخول قلعتها واحتلالها.

دخل الثوار السوريون مرحلة الاستنزاف مع امتداد أمد الثورة، وعانوا من نقص الذخيرة والمؤن، وهو ما ساعد القوات الفرنسية على تشديد الخناق عليهم بجلب المزيد من القوات والنجدات المساندة، مما أضطر الثوار للنزوح إلى الأزرق في إمارة شرقي الأردن، ولم يمكنهم الإنكليز من المكوث طويلاً، فنزح سلطان الأطرش وجماعته من المجاهدين إلى وادي السرحان والنبك في شمال المملكة العربية السعودية، ثم إلى الكرك في الأردن، وقد رفض تسليم سلاحه إلى المستعمِر وحكم عليه بالإعدام.

عاد سلطان الأطرش ورفاقه إلى الوطن بعد أن أصدرت فرنسا عفواً شاملاً عن كل المجاهدين اثر توقيع المعاهدة السورية الفرنسية عام 1936، واستقبل سلطان ورفاقه في دمشق في 18 أيار عام 1937 باحتفالات شعبية كبيرة.

المدن السورية المشاركة بالثورة

تحركت الثورة من كل مناطق ومدن سورية بقياده عدد كبير من الوجهاء والقادة، ومن أبرز المدن السورية المشاركة في الثورة:
ثورة الساحل السوري (الشيخ المجاهد صالح العلي ):

قامت ثورة الساحل بقيادة الشيخ صالح العلي مع بدء نزول القوات الفرنسية الى الشواطئ السورية حيث بدأت ثورته ضد العثمانيين مع بداية دخول القوات الفرنسية المحتلة إلى الأراضي السورية، حيث أعلن الثورة ضدها واتخذ من منطقة الشيخ بدر مقرا له.بدأت أحداث الثورة ضدهم مع بدء نزولهم الى الشواطئ السورية فقامت بين المجاهدين وبين الجيش الفرنسي عدة معارك تكللت بالنصر له وتطورت ثورته وتنظمت بالتنسيق مع الشريف حسين ورجالات الثورة العربية الكبرى.

أحاط الشيخ العلي بمجموعة من المستشارين ومن أبرز مستشاريه غالب بيك الشعلان الذي عاونه أيضا وعزيز هارون وبعض آل محمود. وجميل ماميش من اللاذقية عضو مجلس قيادة الثورة، أنشأ نظام العقداء في الثورة. ومن أبرزهم المجاهد «العقيد» جبّور مفلح نيوف قائد قطاع بسنديانة / حمّام القراحلة / بيت ياشوط في ريف جبلة، والمجاهد أسعد إسماعيل - المجاهد علي عجيب عدرا - المجاهد علي مفلح. «العقيد» عبود مرشد قائد قطاع خرائب سالم / الدالية في ريف جبلة أيضا، والمجاهد«العقيد» علي عبد الحميد عيد قائد قطاع القطيلبية، والمجاهد «العقيد» إسبر زغيبي قرية قرقفتي في طرطوس، الذي من أبرز أحفاده الطبيب محمود جحجاح أو كما يدعي (زغيبي)، وكذلك العقيد المجاهد علي حسن زينة من قرية بيت العلوني الذي كات مختصا أيضا في صنع المتفجرات وله إلمام كبير بذلك، والمجاهد عباس حسن الرحية قرية رأس العين والمجاهد أنيس أبو فرد من طرابلس الشام والمجاهد سليم شاويش وسليم صالح من الشيخ بدر والمجاهد الشيخ علي أحمد حسين «شقيق زوجة الشيخ صالح العلي فضة» من قرية النمرية طرطوس والمدفون في قرية بيلي طرطوس. وكذلك اعتمد الشيخ على علاقته القوية بقريبه الشيخ عيسى محمد من أجل الدعم المعنوي وتشجيع المواطنين على الانخراط بالثورة في شمال الجبل نظرا للمكانة الدينية العالية التي يتمتع بها الشيخ عيسى محمد وهذا الشيخ من قرية بتمانا ومتحدر من قرية بشراغي «وهو ابن عم والدته حبابة الشيخ علي عيد ووالد صهره الشيخ محمد عيسى محمد إبراهيم» حيث ساهم النشاط الدائم للشيخ المذكور برفد الثورة بالمجاهدين والمال واستمر هذا النشاط في سبيل الثورة رغم كونه شيخا طاعنا في السن وقد توفي هذا الشيخ في عام 1925. من المصادر التي ذكرت ذلك كتاب «تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي للمؤلف أدهم آل الجندي» وذكر ذلك بعض المعمرين في الجبل وأنشأ ديوان للمراسلات والبريد.

عيٌن المجاهد عبد الرزاق المحمود من قلعة الخوابي سكرتيرا للثورة. -أنشأ محكمة عسكرية من ثلاث قضاة هم السادة: 1- المجاهد علي زاهر من قرية حمام أبو علي واصل ناحية قدموس منطقة بانياس رئيسا. 2- المجاهد محمود علي إسماعيل من قرية القمصية منطقة الشيخ بدر عضوا. 3-المجاهد محمود ضوا من قرية العصيبة منطقة بانياس عضوا. وقد أصدرت السلطة الفرنسية حكما بالإعدام نفّذ بحقهم جميعا في قرية القمصية قرب مدينة الشيخ بدر حاليا. وقبيل الإعدام بلحظات طلب المجاهد علي زاهر من خالته إيصال أبيات زجلية إلى يد الشيخ صالح. وكان الشيخ صالح يرددها بعد انتهاء الثورة متأثرا وهي:

يا صالح فرنسا لا تصالح. وعظم إلى انكسر ما ظن صالح. يا سايس قدم المهرة لصالح. بروس حوافرا تقطر دما.

من القضاة المدنيين في الثورة المجاهد الشيخ خليل الخطيب من قرية برمانة المشايخ. منطقة الشيخ بدر وهو من المشائخ الأجلاء الذين دعموا الثورة بالفعل والقول. - أسس فرقة زجل شعبي للترفيه عن المجاهدين ودب الحماسة في نفس المجاهدين. وقد كان الشيخ المجاهد يتقن العزف على الربابة - أنشأ ديوان لجمع التبرعات العينية والمالية. - كان لديه مترجم خاص. -قام بتنظيم علاقته مع الأخرين من الساسة والوجهاء عبر الرسل. - كان له رسولين خاصين بالملك فيصل والمجاهد إبراهيم هنانو قائد ثورة الشمال السوري.وله عدة لقاءات مع الزعيم أنطون سعادة مؤسسس الحزب السوري القومي الاجتماعي في بداية الثلاثينات وكان حاضرا في أول لقاء بينهما اسبر بشور من مدينة صافيتا واثنين من آل عرنوق من قرية متن الساحل طرطوس، والمجاهد سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى، والرئيس شكري القوتلي والسياسي فارس الخوري وعضو المجمع العلمي العربي في دمشق الشيخ العلامة سليمان الأحمد وعلاقات عائلية مع عائلات بيت الأشقر وكرامة وجنبلاط وارسلان وفرنجية في لبنان، وعائلات عرنوق وبشور وآل حرفوش وآل الخير وآل الخطيب من برمانة المشايخ وآل هارون وآل أزهري وآل الجابري وآل المحمود وآل هواش الذي ساندوه كثيرا بثورته أولا وبنشاطه السياسي لاحقا.

جبل العرب وحوران، (سلطان باشا الأطرش)

سلطان باشا الأطرش هو القائد العام للثورة السورية الكبرى، ولد في قرية القريا في محافظة السويداء منطقة صلخد في سورية في العام 1888 لعائلة الأطرش الدرزية، والده «ذوقان بن مصطفى بن إسماعيل الثاني» مؤسس المشيخة الطرشانية عام 1869، كان مجاهداً وزعيماً محلياً قاد معركة ضارية في نواحي الكفر عام 1910، وهي إحدى معارك أبناء الجبل ضد سامي باشا الفاروقي، والتي كانت تشنها السلطنة العثمانية على جبل الدروز لكسر شوكته وإخضاعه لسيطرتها، أعدمه الأتراك شنقاً بسبب تمرده عام 1911، أماّ والدة سلطان فهي «شيخة بنت إسماعيل الثاني».

أعلن سلطان باشا الأطرش تأييده للثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين في بيان قال فيه: «لم نتخذ قرارنا بتأييد الشريف حسين عن فورة عاطفية أو هوى، وانما لأننا نستلهم من تاريخ طائفتنا الطويل مواقفها السياسية والحربية المماثلة ضد العناصر الاعجمية التي تمكنت بنا في الداخل، والغزاة الطامعين الذين اتوا لاستعمارنا وسلب خيراتنا من الخارج» وعلى إثرها جند الأطرش مجموعات من شباب بلدته ومن القرى المجاورة في الجبل لتكون طليعة الجيش العربي في تحرير دمشق، وفي 5 ايلول عام 1918، زحف سلطان باشا الأطرش إلى دمشق مع قوات الجيش العربي، واشترك في معركة تلال المانع قرب الكسوة، وكان في طليعة القوات التي دخلت دمشق قبل وصول الملك فيصل ببضعة أيام، ورفعت العلم العربي على دار الحكومة وعلى دار البلدية في ساحة المرجة في بدمشق.

وفي 21 تموز عام 1925، أضرم سلطان باشا الأطرش نار الثورة السورية الكبرى بالبيان الذي أذاعه وجاء فيه: «إلى السلاح ايها الوطنيون إلى السلاح تحقيقا لأماني البلاد، إلى السلاح تأييدا لسيادة الشعب وحرية الأمة، إلى السلاح بعدما سلب الاجنبي حقوقكم واستعبد بلادكم، ونقض عهودكم ولم يحافظ على شرف الوعود الرسمية، وتناسى الأماني القومية»، وخلال الثورة خاض الأطرش معارك كثيرة ومنها معركة الكفر في 20 تموز عام 1925 ومعركة المزرعة في أول آب عام 1925 ومعركة المسيرفة والسويداء، وقد هزت هذه المعارك سلطات الانتداب الفرنسي، وجدت نفسها أمام مأزق كبير فلجأت إلى إرسال آلاف الجنود إلى سورية ولبنان مزودين بأحدث الأسلحة مقابل قلة مصادر تموين الثوار، مما أدى إلى قلب الميزان لصالح الفرنسيين، فأعادوا سيطرتهم على كثير من المدن التي حررها الثوار.

أستمر الفرنسيون بتشديد خناقهم على الثوار وجلبوا حملات متتالية ونجدات جديدة، فاضطر الثوار إلى للنزوح إلى الأزرق في إمارة شرقي الأردن، ولم يمكنهم الإنكليز من المكوث طويلاً، فنزح سلطان الأطرش وجماعته من المجاهدين إلى وادي السرحان والنبك في شمال المملكة العربية السعودية، ثم إلى الكرك في الأردن، وقد رفض تسليم سلاحه إلى المستعمِر وحكم عليه بالإعدام.

عاد سلطان الأطرش ورفاقه إلى الوطن بعد أن أصدرت فرنسا عفواً شاملاً عن كل المجاهدين اثر توقيع المعاهدة السورية الفرنسية عام 1936، واستقبل سلطان ورفاقه في دمشق في 18 أيار عام 1937 باحتفالات شعبية كبيرة.

وفي 26 آذار عام 1982 توفي القائد سلطان باشا الأطرش عن عمر ناهز 91 عاماً، وقد نعاه الرئيس حافظ الأسد، وألقى على جثمانه نظرة الوداع في بيته في القريّا، وكان مأتمه يوماً تاريخياً مشهوداً حشد أكثر من نصف مليون من المشيعين، وحمل نعشه في طائرة مروحية حلّقت فوق مواقع المعارك الخالدة التي خاضها ودفن في قريته القريّا محمولاً على عربة مدفع.

عرف عن سلطان باشا الأطرش تمسكه بالعادات والتقاليد والقيم والشهامة الاصيلة، فكان لا يسكت على ضيم، ولا يقبل اهانة الضيف، ولا يبخل على الوطن والامة بشيء يملكه، وقد قيل فيه كلام كثير، وكان الشاعر القروي رشيد سليم الخوري أحد الذين تأثروا بثورته، فقال يخاطبه:

دمشق، (عبد الرحمن الشهبندر)

الدكتور عبد الرحمن الشهبندر العقل المدبر للثورة السورية الكبرى، من مواليد دمشق عام 1879، انضم إلى الحلقة الإصلاحية المناهضة للحكم العثماني والتي كان يرأسها الشيخ طاهر الجزائري في سن مبكرة، وقُدم إلى المحاكمة بتهمة الاشتراك في تأليف رسالة موضوعها (الفقه والتصوف) وكاد أن يسجن وربما يعدم بسبب هذا الانضمام وبسبب مقال في صحيفة المقطم المصرية حول خلافة السلطان عبد الحميد الثاني غير أن صغر سنه يومذاك أنقذه من السجن أو مما هو أخطر من السجن.


في عام 1922 قدِم مستر كراين إلى دمشق على رأس لجنة دولية فاستقبلته الجماهير مطالبة بالاستقلال وحرية الجمهورية السورية من الانتداب الفرنسي ونتيجة لذلك اعتقلت القوات الفرنسية الكثير من الوطنيين الأحرار في سورية ولبنان وكان من بينهم عبد الرحمن الشهبندر ثم حكمت عليه الحكومة الفرنسية آنذاك بالسجن لمدة 20 عامًا ثم النفي إلى منطقة بيت الدين في لبنان ومن ثم إلى جزيرة أرواد، بعد عام ونصف صدر عفو عنه فسافر إلى أوروبا وأمريكا بهدف شرح الحقائق وتوضيح الممارسات الفرنسية على كل من سورية ولبنان فكان أول سياسي عربي سافر إلى الغرب لإيضاح الأمور على حقائقها.

ومنذ عودته إلى دمشق في تموز عام 1924 أخذ يعمل على تنظيم العمل السياسي ويدعو إلى الوحدة العربية ويطالب بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقلة، ولتحقيق ذلك ومنذ بدء إرهاصات الثورة بادر الشهبندر إلى الإتصال بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثهم على الثورة ضد الاستعمار الفرنسي ويشحن هممهم ويعزز شعورهم الوطني ويطلب منهم بدء الكفاح المسلح لنيل الإستقلال وتحقيق الحلم الوطني العربي بأقامة الجمهورية العربية السورية، فكان على اتصال بالمجاهد سلطان باشا الأطرش في جبل العرب وحسن الخراط في غوطة دمشق وإبراهيم هنانو في المنطقة الشمالية ومحمد العيّاش في المنطقة الشرقية وفوزي القاوقجي في حماة.

ما إن ترامى إلى سمع الشهبندر عن نية زعماء الجبل وفي مقدمتهم سلطان باشا الأطرش إعلان الثورة ضد الفرنسيين وإنقاذ البلاد من براثن احتلالهم، حتى التحق بصفوف الثوار وقاتل معهم وكان أكثر المقاتلين شهرة وحين تهدأ المعارك يهتم بمعالجة الجرحى، ولكن الفرنسيين أرغموا الثورة على التقهقر إلى الجنوب فانتقل الطبيب عبد الرحمن الشهبندر والقائد سلطان باشا الأطرش إلى منطقة الأزرق، ومن الأزرق غادر الشهيندر إلى العراق من جديد ومن ثم إلى مصر، واستقر في القاهرة عشرة أعوام، بعد أن حكمت عليه السلطة الفرنسية بالإعدام، وكان خلالها يعمل للقضية العربية بالتعاون مع اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني بالإضافة إلى ممارسته مهنة الطب.

بتوقيع معاهدة عام 1936 في باريس بين الوفد السوري والفرنسيين، ألغيت أحكام الإعدام وقرارات النفي، فعاد عبد الرحمن الشهبندر إلى دمشق في 11 أيار عام 1937، ولكنه عاد ليهاجم الاتفاقية في كل مكان، بعد أن قوبل باستقبال ضخم خرجت فيه الآلاف لاستقباله، طاف بعدها في كل المدن السورية يندّد بالتفاوض مع الفرنسيين ويدعو إلى كل أشكال الاحتجاج على الاحتلال، بما في ذلك الإضرابات والمقاطعة والمظاهرات.

في صباح 6 تموز عام 1940 عندما كان الشهبندر في عيادته دخل إليه ثلاثة أشخاص تظاهروا أنهم يحملون مريضاً وأطلق أحدهم النار عليه فأصابه في رأسه وأرداه قتيلاً، وشيع جثمانه في دمشق ودفن أمام قبر صلاح الدين الأيوبي في الجامع الأموي.

غوطة دمشق، (حسن الخراط)

حسن ابن محمد الخراط، من أوائل زعماء الثورة السورية بدمشق، ولد بدمشق في حي الشاغور بزقاق المزار عام 1861، لم يتلق العلم في المدارس، وعمل حارساً في أحد بساتين الشاغور، ثم انتسب إلى سلك الحراس التابع لمديرية شرطة دمشق فكان برتبة نقيب حراس.

وقد كان على توصل مع نسيب البكري (أحد وجهاء دمشق)، الذي اجتمع مع الشهبندر في اب من العام 1925 واتفقا على بدأ الثورة في غوطة دمشق، وعلى أثرها شكل الخراط مجموعة ثورية سميت بالعصابات الشاغورية واشتق اسمها من حي الشاغور الذي اتخذه الخراط منطلقاً لهجماته ضد القوات الفرنسية، وبعد أن ذاع سيطه أنضم إليه مقاتلين من مختلف الأحياء والقرى الدمشقية. وشن الثوار بقيادته هجمات ليلية على المنشآت الفرنسية في أحياء الشاغور وسوق ساروجة والجزماتية، واستطاعوا تدمير جميع الأبنية الفرنسية في هذه المناطق، كما كبدوا القوات الفرنسية خسائر جسيمة في الأرواح واغتنموا اسلحتها واحتجزوا عدداً من جنودها كرهائن.

أحس الفرنسيون بخطر حسن الخراط فجهزوا حملة لتأديبه وحفاظ هيبتهم، فخرجت الحملة إلى زور بلدة المليحة في غوطة دمشق، فلقيهم الخراط ومن معه هناك وتمكن من أخذ ما معهم من الخيل والسلاح، وبعد أن أسر رئيس الدرك (رفيق العظمة) أرسله إلى جبل العرب، وعرفت هذه المعركة باسم معركة الزور الأولى (الزور: هو الأرض الكثيفة الشجر)، وبعدها كانت معركة الزور الثانية وهدفها الانتقام من الثوار، فدارت المعركة عنيفة عند جسر الغيضة وتم فيها إسقاط طائرة فرنسية، وأصيب حسن الخراط في كتفه وأسعف.

وفي السادسة مساء من يوم الأحد 18 تشرين أول عام 1925، قاد الخراط هجوماً كبيراً ضد الجيش الفرنسي في دمشق، مستهدفاً مقر الحكم الفرنسي في قصر العظم والذي كان مقراً لإقامة المفوض السامي الفرنسي موريس ساراي، وبعد قتال ضارٍ سيطر على القصر بعد أن دمرت بواباته وغرفه، وكانت ردة الفعل شديدة من الفرنسيين الذين قصفوا دمشق بالمدفعية والطيران، فدمر جزء كبير من أحيائها ومبانيها وهجر أهلها، ثم دخلت المصفحات الفرنسية المدينة لتقتل كل من تراه أمامها، مستعملة سياسة الأرض المحروقة، وهو ما اضطر الثوار للانسحاب منها والتمركز في بساتين الغوطة الشرقية.

بقي الخراط يقضّ مضاجع الفرنسيين ويغير على مراكزهم، فيقتل من جنودهم، ويغنم من أسلحتهم، ثم يلوذ هو وجنوده بالغوطة الشرقية، إلى أن حاصره الفرنسيون في بستان الذهبي في إحدى قرى الغوطة الشرقية، وألقوا عليه وابلاً من الحمم أدت إلى مقتله في 25 كانون الأول عام 1925، فلما علم الفرنسيون بمقتله، فرحوا فرحاً عظيماً، وقاموا بتوزيع الأوسمة على كافة ضباط الجيش الفرنسي الذين شاركوا في القصف والمعارك في ذلك اليوم.

دير الزور، (عائلة عياش الحاج)

تعرضت عائلة عياش الحاج بكاملها لبطش السلطات العسكرية الفرنسية بعد أن اتهمتهم بالتحضير لثورة وادي الفرات تزامناً مع اندلاع الثورة السورية الكبرى، وقد بدأت مسيرة الأسرة النضالية باجتماع محمد العيّاش مع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر زعيم حزب الشعب في دمشق واتفقا على مد الثورة إلى منطقة الفرات وفتح جبهة ضد الفرنسيين لتشتيت قواتهم وتخفيف الضغط عن ثوار الغوطة وجبل العرب.

عاد بعدها العيّاش من دمشق وبدأ يعد العدة بإثارة غيرة وحماسة أهالي مدينة دير الزور، واتفق مع أخيه محمود على أن يذهب إلى قرى عشيرة البو سرايا التي تقطن غربي مدينة دير الزور ويجمعهم علاقة صداقة قوية مع والده عياش الحاج، وأن يشكل معهم مجموعات ثورية لضرب القوات الفرنسية، واستطاع العيّاش تجنيد بعض الأشخاص الذين يعملون مع الفرنسيين في مراكز الترجمة وغيرها ليعلموه بالأخبار عن أوضاع وتحركات الفرنسيين ونشاطاتهم وعن توقيت عملياتهم العسكرية ويقوم العيّاش بتوجيه الثوار لضرب القوات الفرنسية.

واستطاع الثوار توجيه ضربات مؤلمة للقوات الفرنسية وكان أخرها الهجوم على سيارة تقل ضباطاً فرنسيين مع سائقهم في منطقة عين البو جمعة على طريق دير الزور الرقة، وقد ألقى الثوار القبض على الضباط واقتادوهم مع سيارتهم بعد أن غنموا أسلحتهم إلى مكان جنوب مكان الحادثة في البادية يسمى «العكيصية»، وألقوا بهم مع سائقهم في أحد الآبار المهجورة حيث لفظوا أنفاسهم الأخيرة، وكان ذلك في مطلع شهر حزيران عام 1925 ثم انسحبوا إلى شواطئ الفرات حيث الغابات والجزر النهرية.

جن جنون الفرنسيين بفقدان الاتصال بالضباط وبدأت حملة كبيرة اشتركت بها الطائرات الفرنسية للبحث عنهم، وعندما عثروا على جثثهم واستدلوا من مخبريهم عن أسماء الثوار، تحركت قوة عسكرية كبيرة اشتركت فيها المدافع والطائرات، وطوقت عشيرة البوسرايا، وقامت طائرات فرنسية بقصف منازل العشيرة قصفاً مدمراً، وتهدمت البيوت على رؤوس الأطفال والنساء واشتعلت النيران في المزروعات والبيادر، وهلكت الماشية فكان قصفاً مرعباً ومدمراً والخسائر البشرية والمادية جسيمة، كل ذلك من أجل الضغط على الأهالي لتسليم الثوار، وقد قتل نتيجة القصف رجلين وامرأة كانت حاملاً، ومن الجرحى العشرات الذين أصيبوا بالرصاص وبشظايا قنابل الطائرات.

وعندما اقتنع الفرنسيون بأن القصف لا يجدي لجأوا إلى وسيلة دنيئة فيها الكثير من الخسة والنذالة حيث هددوا باعتقال نساء الثوار وأمهاتهم وأخواتهم حتى يسلَم الثوار أنفسهم للفرنسيين، وعندما وصل الخبر إلى الثوار وقع عليهم كالصاعقة، إلا أن شرف العربي تهون دونه الأرواح، فخرجوا من مخابئهم وسلموا أنفسهم وهم مرفوعي الرأس فسلمت العذارى والنساء من الغدر المبيت.

جرت محاكمة الثوار في مدينة حلب ووكلت أسرة عيّاش الحاج المحامي فتح الله الصقال للدفاع عنها، واستمعت المحكمة إلى الكابتن (بونو) رئيس الاستخبارات الفرنسية بدير الزور الذي قال: «إذا كان كل من الاشقياء، الذين اقترفوا هذا الجرم الفظيع يستحق الموت مرة واحدة فإن محمد العيّاش زعيم العصابة يستحق الشنق مرتين». وفي 5 آب عام 1925 أصدر المفوض السامي الفرنسي في بيروت قراراً برقم (49 أس) بنفي جميع أفراد أسرة عياش الحاج إلى مدينة جبلة وحكم على محمود العيّاش مع اثنا عشر ثائراً من رفاقه بالإعدام وتم تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في 15 ايلول 1925 في مدينة حلب، كما حكم على محمد العيّاش بالسجن لمدة 20 عامًا في جزيرة أرواد في محافظة طرطوس.

وإمعاناً بالتشفي والانتقام استغلت السلطات الفرنسية تردد عيّاش الحاج على مقهى خارج مدينة جبلة ودبرت من دس له السم في قهوته، ومانعت السلطات الفرنسية من نقل جثمانه إلى ديرالزور، لأسباب تتعلق بالأمن العام، ودفن في جبلة في مسجد السلطان إبراهيم الأدهم، ليتنفس الفرنسيون الصعداء بعد وفاته، لأن الحوادث التي كانت تقع في منطقة الفرات، كانت تجري برأيه وأمره وهو في منفاه، وأقيمت صلاة الغائب على روح هذا المجاهد في كافة البقاع السورية. بقيت عائلة عيّاش الحاج في مدينة جبلة حتى صدور قرار العفو الفرنسي عام 1929 وعادوا بعدها إلى مدينة دير الزور.

إدلب، (إبراهيم هنانو)

إبراهيم بن سليمان آغا بن محمد هنانو، من أبرز قادة الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي، ولد في بلدة كفر تخاريم في محافظة إدلب غربي حلب في سورية لأسرة غنية من أصول كردية، وكان والده سليمان آغا أحد أكبر أثرياء مدينة كفر تخاريم.

بدأ إبراهيم هنانو نضاله الثوري منذ أن وطئت قوات الاستعمار الفرنسي الساحل السوري في أوائل عام 1920 وتحركت نحو الداخل السوري، حيث استدعى عدد من أهالي قريته الذين يثق بوطنيتهم وقدراتهم لتشكيل أول مجموعة جهادية في المنطقة الشمالية أطلق عليها اسم «جمعية الدفاع الوطني»، وبدء عدد المقاتلين المنتسبين لهذه المجموعة بالازدياد حتى وصل إلى خمسين رجلاً في قرية كفر تخاريم، وبدأت حركة تجنيد مماثلة في القرى المجاورة حتى أصبح عدد المجاهدين 400 مجاهد، وقامت هذه القوة بالهجوم ليلة 18-19 نيسان عام 1920 على حارم فهزمت الفرنسيين وأجبرتهم على الانسحاب إلى القلعة الرومانية المجاورة قرب القصبة، وبقيت هذه القوة محاصرة حتى دخول القوات الفرنسية دمشق في 25 تموز عام 1920.

انطلق هنانو في شهر آب عام 1920 إلى مدينة مرعش ليقابل قائد الفيلق الثاني التركي، حيث عقد معه اتفاقية كي تمد الحكومة التركية الثورة بالأسلحة والذخيرة، وتم توقيع هذه الاتفاقية في 6 أيلول من عام 1920، عاد بعدها هنانو إلى سورية وبدأ ينظم صفوف المجاهدين من جديد وبعد استتباب الأمور التنظيمية قام هنانو بإعلان الثورة في أواسط شهر أيلول عام 1920 بإذاعة خطابه الشهير الذي وجهه لأبناء الشعب السوري وقد قال فيه:

حُكم على هنانو أربع أحكام غيابية بالإعدام من قبل محكمة الجنايات العسكرية الفرنسية، ومع سيطرة الفرنسيون على الطرق، ونقص الدعم العسكري لهنانو، إضطر في أوائل حزيران من عام 1921 إلى مغادرة معاقله إلى الجنوب حيث حاول التفاوض مع الشريف عبد الله، في الطريق إلى شرق الأردن تعرض لكمين قرب جبل الشعر بالقرب من حماة في 16 حزيران عام 1921، في معركة مكسر الحصان حيث فقد معظم من كان معه واستطاع النجاة بنفسه وتم القضاء على ثورته.

لم تكن تطلعات هنانو السياسية ملائمة للشريف عبد الله ولم يتم اللقاء بينهما، فأكمل هنانو طريقه إلى القدس حيث قبض عليه الإنجليز في 13 اب عام 1921 وسلموه إلى الفرنسيين، وبعد القبض علي هنانو قدم إلى محكمة الجنايات العسكرية الفرنسية بتهمة الإخلال بالأمن والقيام بأعمال إجرامية، وعقدت المحاكمة أول جلساتها في 15 أذار عام 1922 في ظل إجراءات أمن مشددة، وطالب النائب العام الفرنسي المحكمة بإعدامه قائلا «لو أن لهنانو سبعة رؤوس لطلبت قطعها جميعاً»، وخوفاً من تصاعد الثورة وخوفاً من غضب الشعب قررت المحكمة براءته.

ولما نشبت الثورة السورية الكبرى عام 1925، اتصل الزعيم إبراهيم هنانو بالثوار من أجل إعداد سرية مجاهدين لدعم الثورة، لكن هذه السرية تم تطويقها في كفر تخاريم من قبل الفرنسيين وفكت الحصار بعد معركة شرسة، وقد دامت أعمال المجاهدين في المنطقة الشمالية في تلك الفترة من 20 كانون الأول عام 1925 وحتى 15 نيسان عام 1926 ومن أهم المعارك التي جرت في تلك الفترة معركة تل عمار، والتي كانت آخر معارك الثورة في المنطقة الشمالية، وجرت في أوائل شهر نيسان عام 1925.

تحول إبراهيم هنانو بعد ذلك للعمل السياسي فاصبح أحد أعضاء الكتلة الوطنية، وتولى زعامة الحركة الوطنية في شمال سورية، وفي عام 1928 تم تعينه رئيساً للجنة الدستور في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور السوري، إلا أن المفوض السامي الفرنسي سعى إلى تعطيل الجمعية التأسيسية والدستور مما أدى إلى خروج مظاهرات تطالب بتنفيذ بنود الدستور، وفي عام 1932 وفي مؤتمر الكتلة الوطنية انتخب إبراهيم هنانو زعيما للكتلة الوطنية، وفي عام 1933 لعب دوراً في استقالة حكومة حقي بيك العظم، بسبب نيتها الموافقة على المعاهدة الفرنسية.

توفي إبراهيم هنانو عام 1935 بعد صراع مع المرض، وشيع جثمانه في مدينة حلب حيث سار في موكب التشييع أكثر من 150 ألفاً وامتد التشييع من الجامع الأموي في حلب إلى مقبرة الشيخ الثعلبي في الجهة الغربية من المدينة.

حماة، (فوزي القاوقجي)

ولد فوزي القاوقجي في طرابلس بلبنان عام 1890، التحق بالجيش العثماني وتخرج عام 1912 ضابطاً في سلاح الخيالة، وكان مقره في مدينة الموصل، وهناك بدأت مواهبه بالبروز فصار بعد وقت قصير معلِّماً للفروسية في كتيبته ثم محاضراً لضباط الفيلق وقواده مما أتاح له فرصة كبيرة للتعرف على أكبر عدد ممكن من الضباط العرب في وقت كان العراق في طليعة المناطق العربية التي تأججت فيها المشاعر القومية.

نظر بشك وريبة إلى الثورة العربية الكبرى التي اعلنها الشريف حسين في الحجاز بسبب معاونة الإنجليز للشريف حسين، لأدراكه أن الإنجليز لا يساعدون الشعوب العربية حرصاً على مصلحتهم في الوقت الذي يساعدون اليهود على انتزاع فلسطين، ويبرمون في الوقت عينه اتفاقية سايكس بيكو التي يقتسمون بموجبها المنطقة مع فرنسا، ولهذا آثر القاوقجي الولاء للجيش العثماني حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وظل يقاتل في صفوف الأتراك رغم مضايقتهم له وكرهه لتسلطتهم وتيقنه من خسارتهم.

عاد القاوقجي فور انتهاء الحرب إلى مسقط رأسه طرابلس عام 1918، وأقام هناك إلى أن زارها الملك فيصل بن الحسين ودعاه إلى العمل في خدمة الدولة العربية الجديدة فقبل الدعوة، وقد عُين في الشعبة الثالثة في ديوان الشورى الحربي وهناك تكشف له غدر الحلفاء فطلب نقله إلى إحدى الوحدات العاملة، فعُين آمر السرية الأولى من لواء الخيالة الهاشمي، ولدى دخول الفرنسيين دمشق عام 1920 كان القاوقجي يتولى حراسة قصر الملك فيصل وقلعة دمشق.

آلمه خسارة الجيش السوري لمعركة ميسلون واستشهاد وزير الحربية يوسف العظمة عام 1920 وحزّ في نفسه دخول الفرنسيين دمشق مستعمرين فصمَّم منذ تلك اللحظة على التخطيط للثأر والتحرير مهما بلغت التضحيات، ولهذا بدأ يعد للثورة ويدعو لها وينظم الخلايا وتواصل مع القائد إبراهيم هنانو في الشمال وبعد قيام الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش أعلن القاوقجي من جهته الثورة في حماة وضواحيها وكاد أن يستولي على المدينة لولا قصف الطائرات العنيف للأحياء الشعبية فخرج إلى البادية لإثارة القبائل ضد الفرنسيين وتخفيف الضغط عن الثوار في المناطق الأخرى، وقد حقق انتصارات مهمة على القوات الفرنسية وحامياتها وثكناتها وأنزل بها خسائر فادحة حتى أسند إليه مجلس الثورة الوطني قيادة الثورة في منطقة الغوطة ومنحه سلطات واسعة.

بقي القاوقجي متنقلاً بين حماة والغوطة والقلمون على مدى ثلاث سنوات خاض عشرات المعارك وكبد الفرنسيين خسائر فادحة، وكان هدفه تخفيف الضغط على الثوار في جنوب سورية، ووصلت أصداؤها إلى طرابلس وجرود عكار والضنية إلى درجة أن الفرنسيين جمعوا أعيان طرابلس وهددوا بقصف المدينة من البحر بعد أن نفوا عبد اللطيف البيسار وعبد الحميد كرامي وآخرين إلى جزيرة أرواد.

وبقي القاوقجي يقاوم من موقع إلى موقع ومن منطقة إلى أُخرى حتى اضطره النقص الهائل في العتاد والسلاح واستشهاد عدد كبير من المجاهدين معه إلى اللجوء إلى جبل العرب، وبقي فترة إلى أن استدعته اللجنة الثورية إلى عمّان والقدس عام 1927، وكلف بالسفر إلى تركيا لإقناعها بمساعدة الثورة السورية وأمام عدم تلقيه أي دعم أدرك أن الثورة لن يكتب لها النجاح في ظل هذا الوضع العربي المتردى حيث الخلافات قد اشتدت بين الزعماء السياسيين للثورة، وقلة أو انعدام الدعم للثوار.

أسندت جامعة الدول العربية إلى فوزي القاوقجي عام 1947 قيادة جيش الإنقاذ للدفاع عن فلسطين وقضيتها العادلة وذلك على أثر المعارك الضارية في فلسطين بين العرب واليهود، فأبلى القاوقجي بلاء حسناً في كل المعارك التي خاضها، إلى أن فوجئ بإبرام الهدنة بين الأنظمة العربية يومذاك والصهاينة وأدرك أن التآمر قد فعل فعله في اللحظات الحاسمة، وأمام انقطاع المؤن والنقص في العتاد والذخائر انسحب إلى جنوب لبنان وقدم استقالته إلى الامين العام لجامعة الدول العربية عبد الرحمن عزام، عاد بعدها القاوقجي إلى دمشق ثم انتقل للعيش في بيروت إلى أن وافته المنية في كانون الأول من عام 1976.

نتائج الثورة

حققت الثورة نتائج كبيرة على صعيد النضال الوطني والسعي لتحقيق الاستقلال التام عن فرنسا، ومن أبرز هذه النتائج:

  1. زعزعت هذه التحركات الكبيرة كثيرًا سياسة الفرنسيين في سورية وأصبحوا على قناعة تامة بأن الشعب في سورية لن يرضخ ولا بد من تأسيس حكومة سورية وطنية والرضوخ لأرادة الشعب وثورته الكبرى، كما أصبحوا على قناعة تامة بضرورة الجلاء عن سورية ومنحها استقلالها التام، ففي عام 1928م قدم النائب (سيكست كوانتين) اقتراحاً بإرجاع سورية ولبنان إلى عهدة عصبة الأمم تخلصاً من الدم المراق فيهما والمصاريف، فنال اقتراحه مائتي صوت من أصل أربعمائة وثمانين صوتاً.
  2. أدت الثورة لبعث الحركة الداعية إلى إقامة حكومة ملكية في سورية، حيث يرى أنصار هذا المشروع انه الضمانة الوحيدة لقيام التعاون الصادق المستمر لتنفيذ الانتداب، فكان علي بن الحسين المرشح لهذا العرش إلا إن المشروع فشل بسبب رفض السوريين له.
  3. أجبرت الثورة فرنسا على إعادة توحيد سورية بعد أن قسمتها إلى أربع دويلات (دمشق، وحلب، وجبل العلويين وجبل الدروز).
  4. اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي.
  5. اضطرت فرنسا إلى إجراء إصلاحات إدارية من عزل مفوضها السامي وضباطها العسكريين في سورية وتعيين البدائل عنهم، كما حصل مثلاً مع المفوض السامي ساراي بعـد مهاجمة الثـوار لقصر العظـم بدمشق، فعينت مندوباً مدنياً جديداً وهو (دي جوفنيل).
  6. أجبرت فرنسا على إرسال أبرز قياديها في الحرب العالمية الأولى مثل الجنرال (غاملان) بعد تزايد قوة الثوار وانتصاراتهم.
  7. مهدت لخروج الفرنسيين نهائياً من سورية عام 1946 حيث أستمر النضال بشكله السياسي.
  8. قصفت دمشق بالطيران لمدة 24 ساعة متواصلة، وخلو بعض القرى في جبل العرب من أهلها نتيجة لتدميرها وحرقها.
  9. كانت الثورة انتصارا للوعي القومي والوطني على الإقليمية والطائفية حيث كان أهم شعاراتها التي أطلقها قائدها الدين لله والوطن للجميع.

شهداء الثورة السورية الكبرى

بلغ عدد قتلى الثورة السورية الكبرى 4213 قتيل موزعين على المحافظات السورية التالية:

  • 315 شهيد حلب وادلب.
  • 331 شهيد اللاذقية طرطوس والساحل.
  • 731 شهيد دمشق والغوطتين.
  • 150 شهيد حماة.
  • 250 شهيد حمص والنبك والقلمون.
  • 71 شهيد دير الزور والجزيرة.
  • 34 شهيد درعا.
  • 2064 شهيد جبل العرب (السويداء).
  • 267 شهيد إقليم البلان، راشيا مجدل شمس، والقرى التي حولها أقارب أهل الجبل من لبنان وفلسطين.

من ذاكرة الثورة

يُذكر أن المجاهد سلطان كان ومع فرقة من الثوار يعبرون منطقة جبلية وعرة متجهين إلى الأردن، ويقال أنه قد تم نصب كمين لهم من قبل الفرنسيين الذين لم يستطيعوا تتبعهم من دون تغطية لطيرانهم الجوي، وفي ساعةٍ مبكرة فوجئ الثوار بقصف جوي كثيف وعلى حين غرة، فراح المجاهدون ينجون بأرواحهم مختبئين بين الصخور المتناثرة على جانب الطريق، ويذكر أن المجاهد سلطان ظل ممتطيا ً جواده غير آبهٍ بقصف الطيران الفرنسي وحينما انتهى القصف ظن الثوار أن سلطان قد استشهد، وإلا به من بين الدخان يتراءى على فرسه من بعيد وعلى وقع ذات الخطوات رافعا ً رأسه وحاضناً بندقيته وكأن قصفا ً لم يكن... وما إن رآه الثوار إلا وراحوا يصيحون روح يا بطل الله يحييك... الله أكبر... الله أكبر...

كذلك يُذكر أن المجاهد سلطان الاطرش ومعه مجموعة من قادة الثورة لجأوا إلى الشيخ سلطان بن سطام الطيار شيخ قبيلة ولدعلي من عنزة ومن قيادات الثورة لقيادة الثورة من مركز بعيد عن مراكز الفرنسيين. وهذا مما يدل على حنكة وذكاء المجاهد سلطان الاطرش. وقد مكثوا لدى القبيلة بضيافة شيخها مدة ستة أشهر تقريبا حتى اكتشفت القوات الفرنسية امرهم فشنت عملية عسكرية برية باءت بالفشل بعد أن تمكن فرسان القبيلة من اقتحام أحد المدافع الذي كان يتحصن خلفه الجنود الفرنسيون فانهزموا. ليعيدوا الكرة بعد ذلك مزودين بالطائرات. وهي من العمليات العسكرية التي ذكرت بالتفصيل في الأرشيف الفرنسي.

مآثر عن الثورة والثوار

بعد الاستقلال طلبت صحفية ألمانية من القائد العام ان يوجز لها البطولات التي اجترحت خلال الثورة فأجابها: لا يوجد على هذه الأرض حجر الا وقلبته حوافر خيلنا، ولا توجد حفنة تراب لم ترو بدمائنا، ولكل مجاهد فينا قصص كثيرة من قصص البطولة والشهادة والفداء وليست قصة واحدة، ويلزمنا لرويها تاريخاً كاملاً، فكيف يمكن ايجازها.

يروي سلطان باشا الاطرش في كتاب (أحداث الثورة السورية الكبرى كما سردها قائدها العام سلطان باشا الأطرش، دمشق، دار طلاس، ط2 2008) انهم حين وصلوا، ثوار الجبل وثوار الغوطة، لفك أسر النساء والأطفال وكبار السن من أهالي الجولان الذين ساقهم حلفاء الفرنسيين إلى منطقة موحلة تسمى (نقعة جمرا) استعاد ثوار الإقليم معنوياتهم وصاروا يزأرون كالأسود ويفتكون بأعدائهم، ويضيف انه من أكثر المشاهد ايلاماً غوص الأطفال والنساء بالأوحال، وتلوث جروح المصابين بالطين، وان أماً قتلت برصاص الفرنسيين فاقترب منها أحد أقاربها ليأخذ طفلها عن صدرها، فهب ينخي الرجال وينشدهم الأخذ بالثأر وهو يصيح: هذا الطفل يرضع حليباً ممزوجاً بالدم. يذكر ان سبعة من آل علم الدين قضوا في معركة السويداء وهم يتداولون رفع بيرق مدينتهم ولم يسمحوا بسقوطه فسجلوا مأثرة من مآثر البطولة التي لا تمحى.

إعلان الجمهورية السورية

في عام 1930 تم اتخاذ دستور جديد لسورية وإعلانها باسم '«الجمهورية السورية»'، واتخذ علم جديد كان عبارة عن ثلاثة أشرطة عرضية (من الأعلى للأسفل: أخضر، أبيض، أسود) وتتوسطه ثلاثة نجوم حمراء ترمز إلى المحافظات الثلاث (دمشق وحلب ودير الزور).

وفي عام 1936، تم توقيع معاهدة الاستقلال مع فرنسا لتوحيد كافة الأقاليم السورية بما في ذلك دولتي اللاذقية وجبل الدروز. ولكن فرنسا رفضت انضمام إقليم جبل لبنان لهذه الدولة الموحدة بسبب معارضة الموارنة أصدقاء فرنسا والمؤيدين بشدة للانفصال. أما المسلمون في لبنان فقد كان موقفهم واضحا ضد التقسيم منذ البداية وقاموا بالاحتجاج والعصيان متمسكين بانتمائهم للوطن الأم (سورية) ولم يقبلوا بفكرة الدولة اللبنانية حتى الأربعينات بعد أن قبل رياض الصلح بها مقابل تنازل الموارنة عن فكرة الحماية الفرنسية وقبول مبدأ الانتماء العربي للبنان. إضافة إلى جبل لبنان، اقتطعت أربعة أقضية (بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا) أخرى من سورية وألحقت بلبنان الذي صار يسمى بلبنان الكبير، وتغير فيما بعد إلى الجمهورية اللبنانية.

سورية (1918 - 1920)

الحكام

الملك

الانتداب الفرنسي على سورية (1920 - 1939)

رؤساء الحكومة الجديدة أو الدويلات

الرئيس

رؤساء الدولة

الرؤساء

المفوضون السامون

اقرأ أيضا: مندوب سامي

  • 26 Nov 1919 – 23 Nov 1922: هنري غورو
  • 23 Nov 1922 – 17 Apr 1923: Robert de Caix (acting)
  • 19 Apr 1923 – 29 Nov 1924: ماكسيم ويغان
  • 29 Nov 1924 – 23 Dec 1925: موريس بول ساراي
  • 23 Dec 1925 – 23 Jun 1926: هنري دو جوفنيل
  • Aug 1926 – 16 Jul 1933: هنري بونصو
  • 16 Jul 1933 – Jan 1939: كونت دامين دو مارتيل
  • Jan 1939 – Nov 1940: غابرييل بويو
  • 24 Nov 1940 – 27 Nov 1940: جان شياب (died on flight to take office)
  • 6 Dec 1940 – 16 Jun 1941: هنري فيرناند دينتز
  • 24 Jun 1941 – 7 Jun 1943: جورج كاترو
  • 7 Jun 1943 – 23 Nov 1943: Jean Helleu
  • 23 Nov 1943 – 23 Jan 1944: Yves Chataigneau
  • 23 Jan 1944 – 1 Sep 1946: Étienne Paul-Émile-Marie Beynet

انظر أيضًا

  • تقسيم الدولة العثمانية
  • الانتداب البريطاني على فلسطين
  • الانتداب البريطاني على العراق
  • الانتداب الفرنسي على لبنان
  • الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية
  • الفرنسيون في لبنان
  • قائمة المستعمرات الفرنسية
  • تاريخ سورية المعاصر

المراجع

  • بوابة سوريا
  • بوابة عقد 1920
  • بوابة فرنسا
  • بوابة لبنان

Text submitted to CC-BY-SA license. Source: الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان by Wikipedia (Historical)



قائمة رؤساء سوريا


قائمة رؤساء سوريا


هذه قائمة رؤساء وملوك سوريا منذ عام 1920.

المفاتيح

ملوك سوريا (1918 - 1920)

قائمة رؤساء سوريا

  • بوابة أعلام
  • بوابة السياسة
  • بوابة سوريا

Text submitted to CC-BY-SA license. Source: قائمة رؤساء سوريا by Wikipedia (Historical)



الحرب الأهلية السورية


الحرب الأهلية السورية


الحرب الأهلية السورية، وتسمّى أيضاً الأزمة السورية أو الثورة السورية (حسب المعارضة)، والحرب على سوريا (حسب الحكومة)؛ هي صراع مسلح داخلي طال أمده مُتعدد الجوانب في سوريا منذ 2011، شاركت فيه عدَّة أطراف دوليَّة، يخاض بالدرجة الأولى بين الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، وقوات المعارضة المسلحة، إلى جانب الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتشددة.

الاضطرابات في سوريا هي جزء من موجة أوسع نطاقًا من احتجاجات الربيع العربي 2011 التي بدأت من تونس عندما قام البوعزيزي بحرق نفسه ثم تأثرت بها باقي الدول العربية، قامت الثورة السورية بسبب استياء شعبي من حكومة الأسد التي قامت بسجن مجموعة من الأطفال في مدينة درعا السورية، ورفض طلب الأهالي بإطلاق سراحهم، مما أدى إلى خروج الأهالي بمظاهرة قوبلت بإطلاق نار من الجنود الحكوميين، وقد تصاعدت إلى نزاع مسلح بعد قيام قوات الأمن بقمع الاحتجاجات الداعية إلى إبعاد الأسد.

تشترك عدة جهات في النزاع: الحكومة السورية مدعومة من حلفائها روسيا وإيران وحزب الله، وعلى الطرف الآخر تحالف فضفاض لجماعات المعارضة المسلحة على رأسها الجيش السوري الحر، وجماعات سلفية جهادية (بما فيها جبهة النصرة) و‌تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي تضمُّ أغلبية كردية، مع تدخل عدد من البلدان في المنطقة وخارجها إما بالمشاركة العسكرية المباشرة، أو بتقديم الدعم إلى فصيل مسلح واحد أو أكثر.

شكلت جماعات المعارضة السورية الجيش السوري الحر وسيطرت على المنطقة المحيطة بحلب وأجزاء من جنوب سوريا. وبمرور الوقت، انشقت بعض فصائل المعارضة السورية عن وضعها المعتدل الأصلي لمتابعة رؤية إسلامية لسوريا، وانضمت إلى مجموعات مثل جبهة النصرة وداعش. وفي 2015، ضمَّت وحدات حماية الشعب صفوفها إلى القوات العربية والآشورية والأرمنية وبعض المجموعات التركمانية لتشكيل تحالف عسكري باسم قوات سوريا الديمقراطية، في حين ظلَّت معظم الميليشيات التركمانية مع الجيش الحر وحصلت على دعم مباشر من تركيا.

تدعم روسيا و‌حزب الله الحكومة السورية عسكريًا، وقد بدأ ائتلاف من دول الناتو في الفترة من 2014، في شنِّ الضربات الجوية ضد داعش.

وقد اتهمت المنظمات الدولية الحكومة السورية وتنظيم داعش والجماعات المعارضة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والعديد من المذابح. لقد تسبب النزاع في أزمة لاجئين كبيرة. وخلال الحرب، أطلقت عدد من مبادرات السلام، بما في ذلك محادثات السلام التي عقدت في جنيف في مارس 2017 بشأن سوريا برعاية الأمم المتحدة، ولكن القتال لا يزال مستمرًا.

قدرت الأمم المتحدة عدد ضحايا الحرب الأهلية بين 580,000–617,910+ شخص، منهم 306,887+ مدني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، و6.7 مليون نازح داخليا بحلول مارس 2021. مما يجعلها إحدي أسوا الحروب كارثية في القرن الواحد والعشرين.

الخلفية

حكومة الأسد

أصبحت سوريا جمهورية مستقلة في 1946 بعد سنوات من الاحتلال الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية، على الرغم من أن الحكم الديمقراطي انتهى بانقلاب بدعم من الولايات المتحدة في مارس 1949، تلاه انقلابين آخرين في نفس العام. شهدت انتفاضة شعبية ضد الحكم العسكري في 1954 نقل الجيش السلطة إلى المدنيين. ومن 1958 إلى 1961، حل اتحاد قصير مع مصر محل النظام البرلماني السوري بحكومة رئاسية مركزية. جاءت حكومة البعث العلمانية الإقليمية السورية إلى السلطة من خلال انقلاب في 1963. وخلال السنوات العديدة التالية، مرت سوريا بانقلابات وتغييرات في القيادة.

في مارس 1971، قاد حافظ الأسد انقلاب عسكرياً داخلياً تحت اسم «الحركة التصحيحية»، وتمّ انتخابه رئيسًا للبلاد، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى وفاته في 2000. ومنذ 1970، ظل الفرع الإقليمي السوري العلماني السلطة السياسية المهيمنة في ما كانت دولة الحزب الواحد حتى عقدت أول انتخابات متعددة الأحزاب لعضوية مجلس الشعب السوري في 2012. في 31 يناير 1973، نفذ حافظ الأسد دستورًا جديدًا أدى إلى أزمة وطنية. وعلى عكس الدساتير السابقة، فإن هذا لا يتطلب أن يكون الرئيس السوري مسلمًا، مما أدى إلى مظاهرات عنيفة في حماة وحمص وحلب نظمتها جماعة الإخوان المسلمين و‌العلماء. ووصفوا الأسد بـ«عدو الله» ودعوا إلى الجهاد ضد حكمه. نجحت الحكومة في قمع سلسلة من الثورات المسلحة التي قام بها الإسلاميون، أساساُ أعضاء الإخوان المسلمين، من 1976 حتى 1982.

عند وفاة حافظ الأسد في 2000، تم تعديل المادة 83 من الدستور، وخفض سنّ الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية من 40 عامًا إلى 34 عامًا، ليُتاح للابن بشار الأسد إمكانية الترشح للرئاسة، فصار بشار رئيسًا لسوريا، في بادئ الأمر كان هناك آمالا في إجراء إصلاحات ديمقراطية. وقد حدث ربيع دمشق، وهو فترة من المناقشات الاجتماعية والسياسية، بين يوليو 2000 وأغسطس 2001. وانتهى ربيع دمشق إلى حد كبير في أغسطس 2001 بإلقاء القبض على عشرات من النشطاء القياديين الذين دعوا إلى إجراء انتخابات ديمقراطية وشن حمله عصيان مدني وسجنهم. ويرى منتقدو بشار الأسد أنه فشل في الوفاء بالإصلاحات الموعودة. فيما يؤكد بشار الأسد أنه لا توجد «معارضه معتدلة» لحكمه، وأن جميع قوات المعارضة هي جهادية عازمة على تدمير قيادته العلمانية.

التركيبة السكانية

يمثل العرب السوريون، بالإضافة إلى حوالي 600,000 من العرب اللاجئين الفلسطينيين، حوالي 74 في المائة من السكان (إذا استثني المسيحيون السريان). المسلمون السوريون 74 في المائة من السنة (بما في ذلك الصوفيين)، و13 في المائة من الشيعة (بما في ذلك 8–12 في المائة من العلويين منهم حوالي 2 في المائة من المرشديين)، 3 في المئة من الدروز، في حين أن 10 في المئة المتبقية من المسيحيين. ليس كل السنة السوريين عرب. عائلة الأسد مختلطة. بشار متزوج من سنية. وهو ينتسب إلى الطائفة التي ينتمي إليها والديه: طائفه الأقلية العلوية. العلويون يسيطرون على جهاز الأمن السوري.

تتنوع انتماءات المسيحيين السورين المذهبية، حيث يتوزعون على خمس طوائف رئيسية: الأرثوذوكسية الشرقية، والأرثوذوكسية المشرقية، والكاثوليكية، والبروتستانتية وكنيسة المشرق. ويعد الروم الأرثوذكس أتباع بطريركية أنطاكية أكبر طائفة مسيحية في سوريا. ومن الناحية العرقية، يأتي المسيحيون العرب في المقدمة، ثم الآشوريين، ثم الأرمن.

إن الأكراد السوريين، وهم أقلية عرقية تشكل حوالي 9% من السكان، عانوا من التمييز العرقي وإنكار حقوقهم الثقافية واللغوية، بالإضافة إلى الحرمان المتكرر من الجنسية منذ انقلاب البعث.

الآشوريون، وهم من الشعوب الأصلية المسيحية الشرقية الناطقة بالآرامية، والذين يبلغ عددهم حوالي 500,000 نسمة، يوجدون أساسًا في شمال شرق سوريا. ويعيش عدد أكبر من السكان على الحدود في شمال العراق. وتشمل الجماعات الإثنية الأخرى الأرمن، و‌الشركس، و‌التركمان، واليونانيين، و‌المحلمية، و‌الكاولية، واليزيديين، و‌الشبك، والمندائيين.

الخلفية الاجتماعية والاقتصادية

زادت التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية كثيرًا بعد أن بدأ حافظ الأسد سياسات السوق الحرة في سنواته الأخيرة، وتسارعت بعد أن وصل بشار الأسد إلى السلطة. ومع التركيز على قطاع الخدمات، أفادت هذه السياسات أقلية من سكان البلد، معظمهم ممن تربطهم صلات مع الحكومة، وأعضاء من الفئة التجارية السنية في دمشق وحلب.

واجهت سوريا أيضًا ارتفاعًا شديدًا في معدلات البطالة بين الشباب. في بداية الأحداث، قيل أن السخط ضد الحكومة هو الأقوى في المناطق الفقيرة في سوريا، وفي الغالب بين السنة المحافظين. شملت المدن التي ترتفع فيها معدلات الفقر مثل درعا وحمص، والمناطق الفقيرة في المدن الكبيرة.

الجفاف

وقد تزامن ذلك مع الجفاف الشديد الذي سجل في سوريا، والذي استمر من 2006 إلى 2011 وأسفر عن فشل واسع النطاق في المحاصيل، وزيادة في أسعار الأغذية، وهجرة جماعية للأسر الزراعية إلى المراكز الحضرية. وقد أدت هذه الهجرة إلى إرهاق الهياكل الأساسية التي أثقلت بالفعل بتدفق حوالي 1,500,000 لاجئ من حرب العراق. ارتبط الجفاف بالإحترار العالمي البشري المنشأ. لا تزال إمدادات المياه الكافية تشكل قضية في الحرب الأهلية الجارية وكثيرًا ما تكون هدفًا للعمل العسكري.

حقوق الإنسان

لقد كانت حالة حقوق الإنسان في سوريا منذ فترة طويلة موضع نقد قاس من المنظمات العالمية. إن حقوق حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع خضعت لرقابة صارمة في سوريا حتى قبل الانتفاضة. وكان البلد تحت حكم الطوارئ من 1963 حتى 2011 وحظرت التجمعات العامة لأكثر من خمسة أشخاص. كانت لدى قوات الأمن سلطات واسعة للاعتقال والاحتجاز.

وقد ضايقت السلطات نشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من منتقدي الحكومة وسجنتهم، وكثيرًا ما يحتجزون لأجل غير مسمى ويعذبون وهم في ظروف شبيهة بالسجن. واجهت النساء والأقليات العرقية التمييز في القطاع العام. حرم آلاف من الأكراد السوريين من الجنسية في 1962 وكان أبناؤهم يوصفون بأنهم «أجانب». وأدى عدد من أعمال الشغب في 2004 إلى زيادة التوتر في كردستان السورية، ووقعت مصادمات بين المحتجين الأكراد وقوات الأمن منذ ذلك الحين.

على الرغم من الآمال في إحداث تغيير ديمقراطي مع ربيع دمشق 2000، فإن بشار الأسد اعتبر على نطاق واسع أنه فشل في تنفيذ أي تحسينات. وذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش صدر قبل بداية انتفاضة العام 2011 بقليل أنه لم يحسن إلى حد كبير حالة حقوق الإنسان منذ توليه مقاليد السلطة.

الجدول الزمني

الاحتجاجات والانتفاضة (مارس - يوليو 2011)

التمرّد المسلّح المبكر (يوليو 2011 - أبريل 2012)

محاولة وقف إطلاق النار (أبريل - مايو 2012)

المرحلة الثالثة: تصعيد القتال (2012 - 2013)

صعود الجماعات الإسلامية (يناير - سبتمبر 2014)

تدخل الولايات المتحدة، هجمات الجماعات المعارضة (سبتمبر 2014 - سبتمبر 2015)

التدخل العسكري الروسي والهجمات الحكومية

استعادة حلب واتفاق وقف إطلاق النار

النزاع السوري الأمريكي، مناطق خفض التصعيد، كسر حصار دير الزور (أبريل – ديسمبر 2017)

تقدم الجيش في شمال حماة والغوطة، التدخل التركي في عفرين (يناير – مارس 2018)

تقدم الجيش في الجنوب، الضربات الجوية بقيادة الولايات المتحدة (أبريل–أغسطس 2018)

تجريد إدلب من السلاح؛ ترامب يعلن انسحاب الولايات المتحدة؛ والعراق يضرب أهداف لداعش (سبتمبر–ديسمبر 2018)

استمرار هجمات داعش والولايات المتحدة تعلن شروط الانسحاب (يناير 2019–حتى الآن)

الأطراف المتحاربة والمشاركة الأجنبية

هناك العديد من الفصائل، الأجنبية منها والمحلية، المتورطة في الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية، والجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، والميليشيات المسيحية الموالية للحكومة، وتنظيم القاعدة في سوريا، وميليشيا الأكراد وحدات حماية الشعب، أو الميليشيات الشيعية من إيران والعراق وأفغانستان، وكثير منها متحالفة ضد بعضها البعض. وقد تلقت كل من الحكومة السورية والمعارضة دعما عسكريا ودبلوماسيا، من بلدان أجنبية مما أدى بوصف الصراع كثيرا بأنه حرب بالوكالة.

الأطراف الرئيسية التي تدعم الحكومة السورية هي إيران وروسيا وحزب الله اللبناني. تلقت الجماعات المعارضة السورية دعما سياسيا ولوجستيا وعسكريا من الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وهولندا. وتحت رعاية عملية خشب شجرة الجميز (تيمبر سيكامور) وغيرها من الأنشطة السرية، قامت عناصر من وكالة المخابرات المركزية والقوات الخاصة للولايات المتحدة بتدريب ما يقرب من 10,000 من المقاتلين المعارضين وتسليحهم بتكلفة قدرها مليار دولار سنويا منذ عام 2012.

في 11 فبراير 2016 أعلنت السلطات السعودية والتركية عن خطتها للتدخل برًا في الحرب الأهلية السورية وبينت أن خطتها هي لدعم الجيش السوري الحر والقوات المعارضة الأخرى في سوريا، وقالت السعودية أن الجيش السعودي والجيش التركي ستدعم الجيش الحر ضد داعش ولن تدعمه في حربها ضد قوات الحكومة السورية.

الانضمام الروسي

في 30 سبتمبر 2015، وافق مجلس الاتحاد الروسي على النداء الذي وجهه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للسماح باستخدام القوات المسلحة الروسية في الخارج. على وجه الخصوص، فإنه ينص على استخدام القوة الجوية في سوريا «لصالح الحكومة السورية». (وقد اتخذ قرار بالإجماع من قبل 162 صوتا «ل»، في غياب «امتناع» وصوتت «ضد»).

الدور الإسرائيلي

قبل بداية الحرب كانت العلاقات السورية الإسرائيلية منعدمة تماماً وتعلن سوريا رسمياً أن إسرائيل دولة عدو منذ 1948، وخاضت سوريا وإسرائيل عدة حروب خلال فترة حكم حزب البعث لسوريا أبرزها حرب أكتوبر، وحتى تاريخ اللحظة لم يصل الجانبان لأي اتفاقية سلام رغم بعض الجهود الدولية.

منذ بداية الحرب الأهلية السورية أعلنت إسرائيل أنها تقف على الحياد في النزاع القائم وأن مهمتها الحفاظ على أمنها فقط.

رغم ذلك استقبلت المستشفيات في الشمال الإسرائيلي عدة مرات مصابي وجرحى الحرب في المناطق الحدودية من مدنيين وعسكريي المعارضة.

في 19/2/2014 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستشفى نهاريا الإسرائيلي وتابع الحالات الموجودة فيها من المصابين السوريين.

أيضاً وعلى مدى سنوات الحرب قامت الطائرات الإسرائيلية في الكثير من المرات بطلعات جوية قصفت فيها مناطق سورية واشتبكت في أكثر من مرة مع الدفاعات الجوية السورية.... ونادراُ ما تصرح إسرائيل حول طبيعة الغارات لكن يعتقد أنها تستهدف مواقع إيرانية في سوريا.

وفي 10/2/2018 أسقطت الدفاعات السورية طائرة F16 إسرائيلية فوق الجولان بعد قيامها بغارة داخل سوريا، وذلك لأول مرة منذ اندلاع الحرب الأهلية

التدخل العسكري التركي

في 24 أغسطس 2016 دخلت عدد من الدبابات التركية برفقة مقاتلين من المعارضة إلى مدينة جرابلس السورية لتبدأ عملية أطلقت عليها اسم «درع الفرات» والتي قالت أن هدفها الأساسي تطهير الحدود التركية من تنظيم الدولة وقوات سورية الديمقراطية انطلاقا من جرابلس. انتهت عملية درع الفرات يوم 29 مارس/آذار 2017 بإعلان من الأمن القومي التركي، وقال بن علي يلدرم رئيس الوزراء التركي أن العملية حققت أهدافها وانتهت وأنه من الممكن فيما بعد شن عمليات مشابهة في حال كان هنالك خطر على أمن بلاده

الأسلحة المتقدمة والتكتيكات

الأسلحة الكيميائية

استخدم غاز السارين، وعامل الخردل، وغاز الكلور أثناء النزاع. وقد أدت الخسائر العديدة في الأرواح إلى رد فعل دولي، لا سيما الهجمات التي وقعت في الغوطة في عام 2013. وطُلب من بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة التحقيق في الهجمات المزعومة بالأسلحة الكيميائية. في أربع حالات أكد مفتشو الأمم المتحدة استخدام غاز السارين. في أغسطس 2016، ألقى تقرير سري صادر عن الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية باللائمة صراحة على الجيش السوري لبشار الأسد لإلقاءه الأسلحة الكيميائية (قنابل الكلور) على مدينتي تلمنس في أبريل 2014، وسرمين في مارس 2015، وتنظيم داعش لاستخدام غاز الخردل في بلدة مارع في أغسطس 2015.

اتهمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحكومة السورية بشن عدة هجمات كيميائية. وفي أعقاب هجمات الغوطة التي وقعت في عام 2013 والضغوط الدولية، بدأ تدمير الأسلحة الكيميائية السورية. وفي عام 2015، كشفت بعثة الأمم المتحدة عن آثار غاز السارين غير المعلن عنها من قبل في «موقع للبحوث العسكرية». بعد الهجوم الكيميائي الذي وقع في أبريل 2017، شنت الولايات المتحدة أول هجوم لها على قوات الحكومة السورية.

القنابل العنقودية

سوريا ليست طرفا في اتفاقية الذخائر العنقودية ولا تعترف بحظر استخدام القنابل العنقودية. يزعم أن الجيش السوري بدأ يستخدم القنابل العنقودية في سبتمبر 2012. وقال ستيف غوز، مدير شعبة الأسلحة في منظمة رصد حقوق الإنسان، إن «سوريا توسع استخدامها المتواصل للذخائر العنقودية، وهو سلاح محظور، والمدنيين يدفعون الثمن بأرواحهم وأطرافهم»، «إن الحصيلة الأولية ليست سوى البداية لأن الذخائر العنقودية غالبا ما تترك القنابل الصغيرة غير المنفجرة التي تقتل وتشوه بعد ذلك بفترة طويلة».

القذائف المضادة للدبابات

هناك عدة أنواع من القذائف المضادة للدبابات مستخدمة في سوريا. أرسلت روسيا 9إم133 كورنت، وهو الجيل الثالث من القذائف الموجهة المضادة للدبابات إلى الحكومة السورية التي استخدمتها على نطاق واسع ضد المدرعات وغيرها من الأهداف الأساسية لمكافحة الجهاديين والمعارضين. وتعد صواريخ بي جي إم-71 تاو الأميركية الصنع واحدة من الأسلحة الرئيسية للجماعات المعارضة، وتوفرها في المقام الأول الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما زودت الولايات المتحدة الجماعات المعارضة السورية بالعديد من منصات إطلاق الصواريخ من طراز 9K111 فاغوت والرؤوس الحربية من أوروبا الشرقية في إطار برنامجها خشب شجرة الجميز.

الصواريخ الباليستية

في يونيو 2017، هاجمت إيران أهداف تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة دير الزور في شرق سوريا بصواريخ باليستية من طراز ذو الفقار أطلقت من غرب إيران، في أثناء استخدام إيران لأول مرة للصواريخ المتوسطة المدى في غضون 30 عاما. ووفقا لما أفادت به جريدة جين للدفاع، سافرت الصواريخ إلى مسافة تتراوح بين 650 و700 كيلومترا.

ردود الفعل الدولية

ركزت أغلب تصريحات قادة دول العالم على الإصلاح وإدانة العنف والقمع. فقد دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره بشار الأسد من أجل «أن يقود التحول في بلده أو يتنحى جانبا». وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا عقوبات على مسؤولين سوريين من بينهم بشار الأسد تشمل تجميد الأرصدة ومنع دخول أراضيها؛ وزير الخارجية وليد المعلم اعتبر أنه لا يوجد رصيد لمسؤولين سوريين في الخارج، وأن هذه الخطوة تأتي «للمساس بكرامة الشعب».

تطور الموقف التركي التي سعت في 6 أبريل لتقديم يد العون «لضمان رخاء الشعب السوري وتعزيز أمنه واستقراره»، ثم شددت من لهجتها في 10 يونيو إذ وصف رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان ما يجري في سوريا بأنه «فظائع»، واتهم النظام السوري بعدم التصرف بشكل إنساني حيال المحتجين المناهضين له. فيما قدمت الدول الأوروبية في مجلس الأمن الدولي (أي فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال) مشروع قرار يدين سوريا، غير أنها فشلت أمام رفض الصين والهند وجنوب أفريقيا ولبنان وتلويح روسيا باستعمال «حق النقض» في وجه أي قرار.

في المقابل تلقى، بشار الأسد دعما من إيران وفنزويلا وحزب الله لما اعتبروه مؤامرة غربية لزعزعة حكومة تؤيد المقاومة. أما على صعيد الدول العربية فإن ملوك والبحرين والأردن وأمير الكويت ورئيس وزراء العراق ورئيس لبنان اتصلوا بالرئيس مؤكدين دعمهم للنظام، وقد أوفدت الإمارات العربية المتحدة وزير خارجيتها إلى دمشق حاملًا رسالة من رئيس الدولة إلى الرئيس الأسد يؤكد فيها دعمه للنظام، فقط في مجلس الأمة الكويتي وقع 25 نائبًا من أصل 50 نائب إلى عريضة تطالب بطرد السفير وقطع العلاقات مع سوريا، وقد صرّح عمرو موسى أن جامعة الدول العربية تلقت طلبًا لتجميد عضوية سوريا، دون أن يقدم تفاصيل أوفى. من جانها قالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (أو هيومان رايتس ووتش) إن النظام السوري قام بسلسلة انتهاكات «ممنهجة» ضد المحتجين المناوئين ما يضعها في خانة الجرائم ضد الإنسانية، وأن على الأمم المتحدة تحميل الحكومة السورية المسؤولية. كما صوّت مجلس حقوق الإنسان على قرار يدين سوريا بانتهاك حقوق الإنسان ويطالب بلجنة تحقيق مستقلة فيها.

بعد ساعات من هجوم نفذه مؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد على السفارة الأمريكية في دمشق، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن نظام بشار الأسد قد فقد شرعيته، وأضافت أن الرئيس السوري بشار الاسد ليس شخصًا لا يمكن الاستغناء عنه وأن الولايات المتحدة ليست معنية ببقاء نظامه في السلطة.


لكن نظام بشار الأسد تلقى إدانات واسعة من دول غربية عديدة إثر إقدام الجيش السوري على اجتياح حماة ودير الزور والبوكمال، وبرز في هذا السياق موقف روسيا التي طالبت الأسد بوقف استعمال العنف ضد المدنيين. كما دعت ألمانيا وإيطاليا مجلس الأمن للانعقاد في جلسة مغلقة للتشاور في شأن الأحداث في حماة فيما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على النظام السوري. أما أبرز المواقف العربية فأتى من مصر التي أبدت انزعاجا من العنف في سوريا ودعت إلى إيجاد حل سياسي.

التأثير

الوفيات

في يناير 2013، ذكرت الأمم المتحدة أن 60,000 شخصا قتلوا منذ بداية الحرب الأهلية، مع قول مفوضة الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان نافي بيلاي إن «عدد الإصابات أكبر بكثير مما كان متوقعا، وأنه مروع بحق». وبعد ذلك بأربعة أشهر، كان رقم الأمم المتحدة المستكمل للخسائر في الأرواح قد وصل إلى 80,000. وفي 13 يونيو 2013، أفرجت الأمم المتحدة عن رقم مستكمل للأشخاص الذين قتلوا منذ بدء القتال، وكان هذا الرقم بالضبط 92,901 قتيلا، لغاية نهاية أبريل 2013. وذكرت نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أنه «من الأرجح أن يكون هذا الرقم هو الحد الأدنى للإصابات.» وقد خمنت عدد القتلى الحقيقي بما يزيد على 100,000 شخص. وقد تضررت بعض مناطق البلد بصورة غير متناسبة من جراء الحرب؛ وفي بعض التقديرات، حدث ما يصل إلى ثلث جميع الوفيات في مدينة حمص.

تتمثل إحدى المشاكل في تحديد عدد «المقاتلين المسلحين» الذين لقوا حتفهم، وذلك بسبب بعض المصادر التي تضم المقاتلين المعارضين الذين ليسوا منشقين حكوميين بوصفهم مدنيين. ويقدر أن نصف أولئك الذين تأكد مقتلهم على الأقل من المقاتلين من الجانبين، من بينهم 52,290 من المقاتلين الحكوميين و29,080 من المعارضين، بالإضافة إلى وفاة 50,000 مقاتل إضافي غير مؤكد. وبالإضافة إلى ذلك، أفادت اليونيسيف بأن ما يزيد على 500 طفل قتلوا بحلول أوائل فبراير 2012، وأفيد عن اعتقال وتعذيب 400 طفلا آخرين في السجون السورية؛ وقد اعترضت الحكومة السورية على هاتين المطالبتين. في منتصف أكتوبر 2012، أفادت جماعة نشطاء المعارضة المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عدد الأطفال الذين قتلوا في النزاع ارتفع إلى 2,300 طفلا، وفي مارس 2013، ذكرت مصادر المعارضة أن أكثر من 5,000 طفل قتلوا. وفي يناير 2014، صدر تقرير يتضمن تفاصيل قتل أكثر من 11,000 محتجز من الحكومة السورية بصورة منهجية.

في 20 أغسطس 2014، خلصت دراسة أجرتها الأمم المتحدة إلى أن 191,369 شخص على الأقل لقوا حتفهم في النزاع السوري. بعد ذلك توقفت الأمم المتحدة عن جمع الإحصاءات، ولكن الدراسة التي أجراها المركز السوري لبحوث السياسات، التي نشرت في فبراير 2016 قدرت الخسائر في الأرواح بنحو 470,000 شخص، بالإضافة إلى إصابة 1.9 مليون شخص بجروح (أي ما مجموعه 11.5 في المائة من مجموع السكان إما جرحوا أو قتلوا).

المرض

انتشرت الأمراض المعدية النادرة في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون والناجمة عن سوء المرافق الصحية وتدهور الأحوال المعيشية. وقد أثرت هذه الأمراض في المقام الأول على الأطفال. وهي تشمل الحصبة، وحمى التيفوئيد، والاتهاب الكبدي، والزحار، والسل، والدفتيريا، والسعال الديكي وداء الليشمانيات، وهو مرض جلدي مشوه. يعد مرض شلل الأطفال المعدي والموهِّن مصدر قلق خاص. حتى نهاية عام 2013، أبلغ الأطباء ووكالات الصحة العامة الدولية عن أكثر من 90 حالة. ويشكو منتقدو الحكومة من أنها أسهمت، حتى قبل الانتفاضة، في انتشار المرض عن طريق تقييد الوصول إلى التطعيم والصرف الصحي والحصول على المياه النظيفة في «المناطق التي تعتبر غير متعاطفة سياسيا».

التشريد وهجرة اللاجئين

تسبب العنف في سوريا في فرار ملايين الناس من منازلهم. في مارس 2015، قدرت الجزيرة أن 10.9 مليون سوري، أي ما يقرب من نصف السكان، قد شردوا. وأصبح 3.8 مليون منهم لاجئين. اعتبارا من 2013، سعى واحد من كل ثلاثة لاجئين سوريين (نحو 667,000 شخص) إلى الحصول على الأمان في لبنان (4.8 ملايين نسمة عادة). وهرب آخرون إلى الأردن وتركيا والعراق. قبلت تركيا 1,700,000 (2015) من اللاجئين السوريين، نصفهم موزعون حول المدن وعشرات المخيمات التي وضعت تحت السلطة المباشرة للحكومة التركية. أكدت صور الأقمار الصناعية أن المخيمات السورية الأولى ظهرت في تركيا في يوليو 2011، بعد فترة وجيزة من محاصرة بلدات درعا وحمص وحماة. في سبتمبر 2014، ذكرت الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز 3 ملايين شخص. وفقا لما ذكره مركز القدس للشئون العامة، فان السنة يغادرون إلى لبنان، ويقوضون وضع حزب الله. وتسببت أزمة اللاجئين السوريين في تراجع فكرة «الأردن هو فلسطين» بسبب تدفق اللاجئين الجدد في الأردن. ويزعم البطريرك الكاثوليكي الرومي غريغوريوس الثالث لحام أن أكثر من 450 ألف مسيحي سوري شُردوا بسبب النزاع. اعتبارا من سبتمبر 2016، ذكر الاتحاد الأوروبي أن هناك 13.5 مليون لاجئ يحتاجون إلى المساعدة في البلد.

انتهاكات حقوق الإنسان

وفقا لما ذكرته مختلف منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، فإن انتهاكات حقوق الإنسان ارتكبت من قبل الحكومة والمعارضين على حد سواء، مع «ارتكاب الحكومة السورية للغالبية العظمى من الانتهاكات».

وفقا لما ذكره ثلاثة محامين دوليين، يمكن لمسؤولي الحكومة السورية أن يواجهوا اتهامات بارتكاب جرائم حرب في ضوء وجود مخزن ضخم للأدلة المهربة إلى خارج البلد يظهر «القتل المنهجي» لنحو 11,000 محتجز. وكان معظم الضحايا من الشبان وكثير من الجثث هزيلة، وملطخة بالدماء، وبدت عليها آثار تعذيب. ولم تكن لدى البعض منها أعين؛ وظهرت علامات أخرى على الخنق أو الصعق بالكهرباء. وقال الخبراء إن هذه الأدلة كانت أكثر تفصيلاً وعلى نطاق أوسع بكثير من أي شيء آخر ظهر من الأزمة التي استمرت 34 شهراً حينئذ.

أفادت الأمم المتحدة أيضاً بأن «الحرب عن طريق الحصار تستخدم في سياق انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. ولا تخشى الأطراف المتحاربة من تحميلها المسؤولية عن أفعالها». أعاقت القوات المسلحة لكلا جانبي النزاع وصول قوافل المساعدة الإنسانية، ومصادرة المواد الغذائية، وقطع إمدادات المياه، واستهدفت المزارعين العاملين في حقولهم. ويشير التقرير إلى أربعة أماكن تحاصرها القوات الحكومية: المعضمية، وداريا، ومخيم اليرموك، ومدينة حمص القديمة، فضلا عن منطقتين خاضعتين لحصار الجماعات المعارضة: حلب وحماة.

في 9 مارس 2022، حذرت لجنة مختُصة من الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا عن ازدياد الكوارث الإنسانية وتوثيق انتهاكات حقوقية من عمليات اختطاف وقتل وتشريد من قبل أطراف النزاع، حيث نزح أكثر من نصف المواطنين الذين كانوا في البلاد قبل الحرب، ويعيش أكثر من 90 في المائة من المقيمين في حالة فقر. علاوة على ذلك، كشف تقرير عن اللجنة باستمرار تعرض السكان إلى أعمال القتل المستهدف والاحتجاز غير القانوني والتعذيب.

إعدامات تنظيم القاعدة وداعش

في 19 أغسطس، تم إعدام الصحفي الأمريكي جيمس فولي من قبل داعش، الذي ادعى أن ذلك كان ردًا على عمليات الولايات المتحدة في العراق. تم اختطاف فولي في سوريا مسبقًا في نوفمبر 2012 من قبل ميليشيا موالية للحكومة. هدد داعش أيضًا بإعدام ستيفن سوتلوف، الذي تم اختطافه على الحدود السورية التركية في أغسطس 2013. وقد كانت هناك تقارير عن قيام داعش باحتجاز مواطن ياباني واثنين من الإيطاليين ومواطن دنماركي أيضًا. أُعدم سوتلوف في وقت لاحق في سبتمبر 2014. قُتل ما لا يقل عن 70 صحفياً أثناء تغطيتهم للحرب السورية، واختطف أكثر من 80، وفقاً للجنة حماية الصحفيين. في 22 أغسطس 2014، أصدرت جبهة النصرة شريط فيديو عن الجنود اللبنانيين الأسرى وطالبت حزب الله بالانسحاب من سوريا تحت تهديد إعدامهم.

الآثار والتراث الثقافي

اعتبارًا من مارس 2015، أثرت الحرب على 290 موقعًا تراثيًا، وقد أُصيب 104 موقعًا لأضرار بالغة، وتدّمرت 24 موقع بالكامل. وقد تعرضت خمسة من مواقع التراث العالمي الستة في سوريا التي تشرف عليها اليونسكو لأضرار. لقد نتج تدمير التراث عن القصف والتحصين العسكري ونهب المتاحف والتلال والآثار الثمينة. وتقوم مجموعة تدعى التراث الأثري السوري تحت التهديد بمراقبة وتسجيل التدمير في محاولة لإنشاء قائمة بالمواقع التراثية التي لحقت بها أضرار خلال الحرب واكتساب دعم عالمي لحماية الآثار والعمارة التراثية السورية والحفاظ عليها.

أدرجت اليونسكو مواقع التراث العالمي الستة في سوريا على أنها مهددة بالخطر ولكن التقييم المباشر للأضرار غير ممكن. من المعروف أن مدينة حلب القديمة قد لحقت بها أضرار جسيمة خلال المعارك التي دارت داخل المنطقة، في حين أن تدمر وقلعة الحصن قد تعرضنا لأضرار أقل نسبياً. يُعتبر الحفر والتنقيب غير القانوني خطراً كبيراً، وظهرت مئات الآثار السورية في لبنان، بعضها من تدمر. من المعروف أن ثلاثة متاحف أثرية قد نُهبت؛ وفي الرقة يُرجّح أن بعض القطع الأثرية قد دمرها الإسلاميون الأجانب بدوافع دينية

في عامي 2014 و 2015 بعد صعود تنظيم الدولة الإسلامية، قام بتدمير العديد من المواقع في سوريا كجزء من التدمير المتعمد لمواقع التراث الثقافي. في تدمر، دمرت المجموعة العديد من التماثيل القديمة، مثل معبد بعلشامين وبل، والعديد من المقابر بما في ذلك برج الإله بعل، وجزء من قوس النصر الضخم. تعرّضت قلعة تدمر التي تعود للقرن الثالث عشر للتدمير من المسلحين خلال اشتباكات هجوم تدمر (مارس 2016). قام تنظيم الدولة أيضاً بتدمير مواقع أثرية في الرقة، والعديد من الكنائس، مثل كنيسة شهداء الأرمن في دير الزور التي بُنيت لتخليد ضحايا الإبادة الجماعية.

ألهمت الحرب أعمالها الفنية والثقافية الخاصة، التي قام بها السوريون. أظهر معرض أواخر صيف 2013 في لندن في Gallery P21 بعضًا من هذه الأعمال، التي كان لا بدّ من القيام بها خارج سوريا.

في يناير 2018، ألحقت الغارات الجوية التركية أضرارًا جسيمة بمعبد حثي قديم في منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، والذي تم بناؤه من قبل الآراميين في الألف الأول قبل الميلاد.

موجة الجرائم

مع اتساع رقعة النزاع في جميع أنحاء سوريا، غرقت مدن عديدة في موجة من الجرائم، ذلك أن القتال تسبب في تفسخ جزء كبير من الدولة المدنية، وتوقف العديد من مراكز الشرطة عن العمل. وازدادت معدلات السرقة، مع نهب المجرمين للمنازل والمتاجر. كما زادت معدلات الاختطاف. وشوهد مقاتلو المعارضين يقومون بسرقة سيارات، وفي حالة واحدة، قاموا بتدمير مطعم في حلب حيث شوهد الجنود السوريون يتناولون الطعام. وبحلول يوليو 2012، قامت مجموعة حقوق الإنسان نساء تحت الحصار بتوثيق أكثر من 100 حالة من حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي خلال النزاع، ويعتقد أن العديد من هذه الجرائم قد ارتكبت من قبل الشبيحة وغيرها من الميليشيات الموالية للحكومة. وكان الضحايا من الرجال والنساء والأطفال، وكان نحو 80 في المائة من الضحايا المعروفين من النساء والفتيات.

وغالبا ما يشارك قادة قوات الدفاع الوطني المحلية في «أنشطة جني الأرباح من الحرب من خلال الابتزاز مقابل الحماية والنهب والجريمة المنظمة». شارك أعضاء قوات الدفاع الوطني أيضًا في «موجات القتل والسطو والسرقة والاختطاف والابتزاز في جميع أنحاء المناطق السورية التي تسيطر عليها الحكومة منذ إنشاء المنظمة في عام 2013»، كما ذكر معهد دراسة الحرب.

استخدمت كل من الحكومة والمعارضة شبكات إجرامية أثناء النزاع. وفي مواجهة العقوبات الدولية، اعتمدت الحكومة السورية على المنظمات الإجرامية لتهريب السلع والأموال داخل البلد وخارجه. كما أدى الانكماش الاقتصادي الذي سببه النزاع والجزاءات إلى انخفاض الأجور بالنسبة لأعضاء الشبيحة. وردا على ذلك، بدأ بعض أعضاء الشبيحة سرقة الممتلكات المدنية والقيام بعمليات اختطاف. تعتمد قوات المعارضين أحيانا على شبكات إجرامية للحصول على الأسلحة والإمدادات. ازدادت أسعار أسلحة السوق السوداء في البلدان المجاورة لسوريا زيادة كبيرة منذ بداية النزاع. وللحصول على أموال لشراء الأسلحة، اتجهت بعض الجماعات المعارضة نحو الابتزاز والسرقة والاختطاف.

التمييز الطائفي

تعرّضت مُختلف الطوائف الدينية والمجموعات العرقيّة لانتهاكات حقوقية على أساس طائفي أو عرقي، من قبل القوات الرئيسية المتصارعة في الحرب الأهليّة. وقد أدى الانقسام والعنف الطائفي إلى زيادة تهديد الأقليات الدينية. كما انضم عدد كبير من السكان إلى ميليشيات وجماعات تتّسم بطابع طائفي أو عرقي، و‌تدفّق مسلّحون من عدّة دول للقتال في هذه الجماعات.

خلال بداية القرن العشرين كان أغلب المنتمين للطائفة العلوية في أوضاع اقتصادية صعبة، نتيجة عدم اعتراف الدولة العثمانية بالطائفة وحقوقها. في عام 1920 استحدث الانتداب الفرنسي على سوريا «دولة جبل العلويين» متحالفًا مع بعض العشائر العلويّة، غير أن الدولة واجهت مقاومة داخل الطائفة نفسها لعلّ أبرز وجوهها ثورة الشيخ صالح العلي؛ وتمت عودة الدولة إلى سوريا بعد طول كفاح سياسي عام 1936. ورغم التحسن النسبي في وضع الطائفة خلال عهد الجمهورية الأولى إلا أن التهميش والتفاوت الطبقي في الساحل نفسه ظل واضحًا وعوضًا عن ذلك انخرطت أعداد كبيرة من شبان الطائفة في الجيش السوري، وتمكنت من الوصول إلى مراتب قياديّة في الجيش خلال فترة الخمسينات، وشاركت في انقلاب البعث عام 1963، وخلال المرحلة اللاحقة لعب عدد من الشخصيات «العسكرية - السياسية» العلويّة دورًا بارزًا في سوريا لعلّ أحد وجوهها صلاح جديد الذي انقلب عليه حافظ الأسد عام 1970. استقطب الأسد عددًا من العوائل والعشائر العلويّة لطرفه، ومكّنها من الأجهزة الأمنية والمخابراتيّة على وجه الخصوص، وحافظ على سياسة الانخراط في الجيش، رغم ذلك لا يمكن نسب جميع الطائفة لشخصه، على سبيل المثال فإن «منظمة العمل الشيوعي» المعارضة للنظام منذ السبعينات، وتحوي رموز وشخصيات علويّة ذات شعبيّة في أوساطها، تعرضت للتنكيل والتعذيب من قبل النظام. خلال الأحداث الحاليّة، صدرت عدة بيانات موقعّة من شخصيات علويّة مثقفة تؤكد معارضة النظام وتدعو العلويين للانخراط في صفوف الانتفاضة، في حماة وخلال مظاهرات ساحة العاصي الحاشدة، شارك عديد من العلويين الوافدين من خارج المدينة بالتظاهر، وفي دمسرخو إحدى ضواحي اللاذقية ذات الأكثرية العلويّة، قام شبان باقتحام مبنى الأمن العسكري، وحسب عمار ديوب فإن «مئات من الشباب العلويين فاعلين في الانتفاضة». وعلى الرغم من ذلك، فإنه وبحسب ديوب فإنه لدى أغلبية الطائفة مخاوف من عودة التهميش الذي كان ممارسًا عليها أواسط القرن العشرين، ومن عمليات انتقاميّة جماعيّة في حال سقوط النظام سيّما مع وفرة أركان النظام من الطائفة، وكانت عمليات نزوح من الأحياء ذات الأكثرية العلويّة من حمص نحو الساحل ودمشق قد بدأت فعلًا تخوفًا من هكذا سيناريو، فضلًا عن مخاوف من وصول قوى «متطرفة سنيّة» إلى الحكم؛ ورغم أن المجلس الوطني السوري دعا العلويين لمد اليد نحو «بناء دولة المواطنة والقانون»، فإنه حسب ديوب صمت العلويين لايعني تأييد النظام بقدر ما هو الخوف من القادم.

شنّت قوات المعارضة السورية عدة هجمات عشوائية على المناطق والبلدات التي تقطنها الأقليات الدينية، لاعتبارها أن هذه الأقليات موالية للحكومة مما دفعها لشن عمليات طائفية انتقامية. شمل ذلك التفجيرات الانتحارية والقصف بالهاون والاعتداء على الأماكن المقدسة والفعاليات الشعبية.

في أواخر عام 2015، صرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية إد رويس، أن القادة العسكريين قد أبلغوه عن «حملات التطهير العرقي» التي يقودها «حزب الله»؛ وقال «لقد كنت أطلع على حقيقة أن إيران قامت بجلب ميليشيات حزب الله وعائلاتهم إلى المناطق والأحياء السنية في دمشق وتقوم بترحيل السكان السنّة منها حيث تقوم بحملة تطهير طائفي».

في تقرير لوزارة الخارجية الروسية منتصف 2016، أعلنت أن عدد المسيحيين في سوريا انخفض بمليون نسمة منذ بداية الحرب، حيث انخفض من 2.2 مليون إلى 1.2 وقد أعربت عن خوفها من مصير مشابه لمسيحيي العراق، الذين غادرت الغالبية العظمى منهم منذ الغزو الأميركي. ونقلت نيويورك تايمز أنّ جزءًا من الشارع المسيحي، متخوف بشكل حقيقي من السلطة المقبلة في حال سقوط الأسد الذي أمّن له الحماية والحقوق. كما تم تناقل تقاير عن «مصادر سورية أرثوذكسية» تتهم الجيش السوري الحر بتهجير المسيحيين، أما المؤسسة الدينيّة الرسميّة المسيحيّة فقد نبذت الحراك متخوفة من مصير مشابه لمسيحيي العراق ومصر، ودعت لإعطاء «فرصة للإصلاح».

انتقد البعض أمثال أدونيس، الشعارات الدينية التي ترفع في المظاهرات، وبعض الشعارات التي رفعت من قنوات سلفيّة داعمة للمعارضة أمثال قناة صفا من طراز «الدَم السنّي واحد» وهو ما من شأنه أن يكون منفرًا للأقليات وقاسمًا للمجتمع؛ علمًا أن بثينة شعبان كانت أول من اتهمت في 26 مارس 2011 بأن الحراك يهدف إلى «بث الفتنة الطائفيّة»،

على الجانب الآخر تبنت معظم فصائل المعارضة منهجاً إسلاميًا وحملت شعارات ذات صبغة دينية على غرار تنظيم جيش الإسلام، جيش محمد، وتنظيم جبهة النصرة، جيش التوحيد، والعديد من الحركات السلفية. واتهم المرصد السوري لحقوق الإنسان عدة مرات فصائل معارضة بارتكاب عمليات قتل طائفية كالمجزرة التي ارتكبتها في إدلب بحق 20 درزياً، والمجازر التي ارتكبت بحق العلويين في ريف اللاذقية وفي ريف دمشق«عدرا» فضلاً عن عديد التفجيرات في المدن التي تقطنها أقليات دينية غير سنية

الشرخ الإجتماعي

بعد تحول الأزمة السياسية إلى حرب أهلية انقسم المجتمع السوري انقساماً حادا بين موالي للحكومة ومعارض لها وكان هذا الإنقسام يتعمق مع تصاعد الأحداث وزيادة العنف وسقوط المزيد من الضحايا يوما بعد يوم

وبدأت تتضح هذه الانقسامات من خلال بعض الصدامات المباشرة بين المسيرات الموالية والمعارضة في مختلف دول العالم خارج سوريا (كون الوضع الداخلي لم يسمح بالتقائهما في مكان واحد) أما داخل سوريا فترجمت بالاقتتال العسكري وتصفية الحسابات القديمة والاصطفافات الحزبية والعقائدية مع أطراف الصراع .... ووصل الانقسام حتى إلى مستوى القرى الصغرى أو حتى العائلات .

بدورها تأثرت صناعة الدراما السورية كثيرًا بهذا الانقسام بسبب الانتماءات المختلفة للفنانين والمخرجين والمنتجين، فضلاً عن الصعوبات الفنية والمالية التي واجهتها الصناعة بسبب تأثيرات الحرب.

سرعان ما تحولت أيضا الانقسامات الاجتماعية والسياسية إلى صراع طائفي وذلك تحت وطأة التدخلات الخارجية ودعوات الجهاد التي أطلقها بعض دعاة الطائفة السنية والمقابلة لها من الشيعية والعلوية، وترجم هذا أيضا بعدة أحداث أبرزها التفجيرات الانتحارية والمفخخة التي كانت تستهدف مدن معينة على أساس طائفي .. وكانت بعض الجماعات الأصولية السنية أو الشيعية تتبنى تلك التفجيرات (أو كمثل ما حصل خلال هجوم المعارضة على قرى شمال اللاذقية ذات الغالبية العلوية)

لاحقا ومع بدء التدخل العسكري الروسي وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية على يد قوات التحالف وأيضا بدأ دخول القوات العسكرية التركية ضمن المناطق الشمالية، بدأت تتراجع حدة الصيحات الطائفية في المنطقة

التدمير

قدرت سلطات الأمم المتحدة أن الحرب في سوريا تسببت في تدمير ما يقرب من 400 مليار دولار.

وقع انفجار في الجزء الشمالي الشرقي من دمشق في 24 آب / أغسطس 2020، ودمر خط أنابيب غاز وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن معظم أجزاء العاصمة. وألقت الحكومة السورية باللوم على عناصر تنظيم داعش الإرهابي كمرتكبي الهجوم.

الفن السوري

تقسم الفن السوري بين الاتجاهين، أيدها بعضهم المعارضة وذهب آخرون إلى الوقوف مع نظام الأسد والانحياز له، ما أثر سلبًا على عددٍ من الأعمال المشتركة وغياب التنسيق لإنتاجها، أو دفع بعض الفنانين للانخراط في أعمالٍ عربية أخرى في مصر والأردن ولبنان وغيرها.

التداعيات على بلدان أخرى

عملية السلام

خلال الحرب، كان هناك العديد من مبادرات السلام الدولية، التي اتخذتها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وجهات فاعلة أخرى. رفضت الحكومة السورية الجهود المبذولة للتفاوض مع ما تصفه بالجماعات الإرهابية المسلحة. في 1 فبراير 2016، أعلنت الأمم المتحدة عن البداية الرسمية لمحادثات جنيف سوريا للسلام برعاية الأمم المتحدة والتي تم الاتفاق عليها من قبل المجموعة الدولية لدعم سوريا (ISSG) في فيينا. في 3 فبراير 2016، أوقف وسيط السلام في الأمم المتحدة المحادثات. في 14 مارس 2016، استؤنفت محادثات جنيف للسلام. أصرت الحكومة السورية على أن مناقشة رئاسة بشار الأسد «خط أحمر»، لكن الرئيس السوري بشار الأسد قال إنه يأمل أن تؤدي محادثات السلام في جنيف إلى نتائج ملموسة، وأكد على الحاجة إلى عملية سياسية في سوريا.

انتهت جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة السورية وبعض مجموعات المعارضين السوريين في 24 يناير 2017 في أستانا، كازاخستان، بدعم من الدول الضامنة الثلاث (روسيا وإيران وتركيا) لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أواخر ديسمبر 2016. وصف مسؤول روسي محادثات عملية أستانا بأنها مكملة لمحادثات عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة وليست بديلاً عنها. في 4 مايو 2017، في الجولة الرابعة من محادثات أستانا، وقع ممثلو روسيا وإيران وتركيا مذكرة تنص على إنشاء أربع «مناطق لوقف التصعيد» في سوريا، اعتبارًا من 6 مايو 2017.

أهم مبادرات الحل السياسي

  • مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا
  • اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا (ديسمبر 2016)
  • محادثات أستانة للسلام في سوريا
  • مؤتمر سوتشي

إعادة الإعمار

بينما لا تزال الحرب مستمرة، قال الرئيس السوري بشار الأسد أن سوريا ستكون قادرة على إعادة بناء الدولة التي مزقتها الحرب. اعتبارًا من تموز 2018 تقدر تكلفة إعادة الإعمار بحد أدنى 400 مليار دولار. يدعي الأسد أنه قادر على إقراض هذه الأموال من الدول الصديقة والمغتربين السوريين وخزينة الدولة. وقد أبدت إيران اهتمامها بالمساعدة في إعادة بناء سوريا. وقد تم اقتراح المانحين الدوليين كممول واحد لإعادة الإعمار. اعتبارًا من نوفمبر 2018، ظهرت تقارير بأن جهود إعادة البناء قد بدأت بالفعل. تم الإبلاغ عن أن أكبر مشكلة تواجه عملية إعادة البناء هي نقص مواد البناء والحاجة للتأكد من أن الموارد الموجودة تدار بكفاءة. ظلت جهود إعادة البناء حتى الآن محدودة القدرات وكثيراً ما كانت تركز على مناطق معينة من المدينة، متجاهلة بذلك المناطق الأخرى التي يسكنها أشخاص محرومون.

يتمثل الجانب الآخر من سنوات ما بعد الحرب في كيفية إعادة ملايين اللاجئين. طرحت الحكومة السورية قانونًا يُعرف باسم «القانون 10»، والذي قد يجرد اللاجئين من الممتلكات، مثل العقارات المدمرة. هناك أيضًا مخاوف بين بعض اللاجئين من أنهم إذا عادوا للمطالبة بهذا العقار فسوف يواجهون عواقب سلبية، مثل التجنيد القسري أو السجن. تم انتقاد الحكومة السورية لاستخدامها هذا القانون لمكافأة أولئك الذين ساندوا الحكومة. إلا أن الحكومة تنفي ذلك وأعربت عن رغبتها في عودة اللاجئين من لبنان. في ديسمبر 2018، أفيد أيضًا أن الحكومة السورية بدأت في الاستيلاء على بعض الممتلكات بموجب قانون مكافحة الإرهاب، والذي يؤثر سلبًا على خصوم الحكومة، وفقد الكثيرون ممتلكاتهم. كما تم إلغاء معاشات بعض الأشخاص.

القوات العسكرية الأجنبية

نشر مركز جسور للدراسات في نهاية عام 2021م بالتعاون مع منصة إنفورماجين لتحليل البيانات خريطة تحليلية ترصد عدد النقاط الأمنية والعسكرية للقوى الخارجية المتدخلة عسكرياً في سوريا، فقد رُصدت 597 نقطة عسكرية وأمنية لقوات مختلفة، من بينها القوات الإيرانية والروسية والتركية والأمريكية وقد توزعت على الشكل الآتي:

  • القوات الإيرانية: 333 نقطة
  • القوات التركية: 122 نقطة
  • القوات الروسية: 114 نقطة
  • القوات الأمريكية: 28 نقطة

انظر أيضًا

مواقع خارجية

مقابلات

  • مقابلة فوكس نيوز الحصرية مع الرئيس السوري بشار الأسد فوكس نيوز، 18 سبتمبر 2013
  • مقابلة مع بشار الأسد: 'In the End, a Lie Is a Lie' دير شبيغل، 7 أكتوبر 2013
  • مقابلة الرئيس بشار الأسد مع وكالة الأنباء الفرنسية AFP 20-01-2014 20 يناير 2014
  • مناقشة أسباب الحرب الأهلية في جامعة الأمم المتحدة للسلام.
  • أول مقابلة على الإطلاق مع مؤسسة جبهة النصرة أبو محمد الجولاني

الهيئات الحكومية فوق الوطنية

  • منظمة الأغذية والزراعة – الأزمة السورية

هيئات حقوق الإنسان

  • لجنة الصليب الأحمر الدولية في سوريا، اللجنة الدولية للصليب الأحمر

وسائل الإعلام

  • Syria's war at بي بي سي نيوز
  • Syrian uprising: A year in turmoil at واشنطن بوست
  • Syria Pulse collected news and commentary at المونيتور
  • Latest Syria developments at NOW Lebanon
  • Syria أخبار متعلقة على موقع صحيفة الغارديان
  • Syria collected news and commentary at نيويورك تايمز
  • Syria news, all the latest and breaking Syria news at ديلي تلغراف
  • Syria collected coverage at قناة الجزيرة الإنجليزية
  • Syria collected news at منشورات إنديغو
  • Syria Deeply at News Deeply
  • خرائط أوروبا والحرب الأهلية السورية (omniatlas.com)

المراجع

  • بوابة آسيا
  • بوابة اشتراكية
  • بوابة الإسلام
  • بوابة الحرب
  • بوابة الحرب الأهلية السورية
  • بوابة السياسة
  • بوابة ثورات الربيع العربي
  • بوابة سوريا
  • بوابة عصور حديثة
  • بوابة عقد 2000
  • بوابة عقد 2010
  • بوابة عقد 2020

Text submitted to CC-BY-SA license. Source: الحرب الأهلية السورية by Wikipedia (Historical)



بلاد الشام


بلاد الشام


بلاد الشَّام أو سوريا التاريخية، أو سوريا الطبيعية (باليونانية: Σύρια)‏؛ و(باللاتينية: Syria)؛ نقحرة: سيريا، هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين. تشكّل هذه المنطقة اليوم بالمفهوم الحديث كل من: سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية، بالإضافة إلى مناطق حدودية مجاورة مثل منطقة الجوف ومنطقة تبوك في المملكة العربية السعودية، وتشمل المناطق السورية التي ضُمت إلى تركيا إبّان الانتداب الفرنسي على سوريا، وقسمًا من سيناء والموصل، وعند البعض فإن المنطقة تتسع لتشمل قبرص وكامل سيناء والجزيرة الفراتية.

حدود الشام

يعود أقدم استخدام لمصطلح سوريا إلى اليونانيين، وهو يشير إلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وامتداده ليشمل بلاد ما بين النهرين وكامل الهلال الخصيب وصولا إلى أجزاء من أرمينية، كما ورد في وصف المؤرخ الروماني فلينيوس الأكبر. وهذه الحدود تتفق مع اشتقاق اسم سورية الذي هو على الراجح مشتق من آسورية Ἀσσυρία كما ذكر المؤرخون اليونان والرومان واتفق معهم معظم الباحثين المعاصرين.

بعد سقوط بلاد ما بين النهرين في يد الفرس البارثيين في أواخر العهد السلوقي بدأ التغير في حدود المصطلح، حيث أنه اقتصر على المنطقة التي بقيت بيد السلوقيين ومن بعدهم الرومان، وهي تقريبا المنطقة الممتدة بين ساحل المتوسط والفرات؛ وهذا هو المعنى الذي عرفه العرب قبيل الإسلام واستمر طوال العصر الإسلامي.

في المفهوم الشائع لدى معظم الناس حالياً، تشمل «الشام» أو «سورية الكبرى»: سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب 1948) وأراضٍ أصبحت ضمن تركيا (مثل الأقاليم السورية الشمالية ولواء اسكندرون) ، بالإضافة إلى لواء الإسكندرون وقيليقية وجنوب تركية وصولا إلى جبال طوروس. أما فهم أنطون سعادة لمصطلح سورية الكبرى والذي يتبناه الحزب القومي السوري الاجتماعي فهو مبني أساسا على الفهم اليوناني القديم للاسم ويشمل الهلال الخصيب بأكمله، بالإضافة إلى سيناء وقبرص. وفي المفهوم التاريخي لدى العرب تبدأ حدود الشام جنوبا من دومة الجندل (في منطقة الجوف)، حيث ذكر الواقدي في كتاب الصوائف أنَّ غزوة دومة الجندل أول غزوات الشام، فقال:

الجغرافيا والتضاريس

تمتد بلاد الشام من سلسلة جبال طوروس في الشمال إلى شبه جزيرة سيناء في الجنوب. تتميز هذه الأرض بسلسلتي جبال متوازيتين (غربية وشرقية) تشقانها من الشمال إلى الجنوب بالتوازي مع الخط الساحلي.

تبدأ السلسلة الغربية الساحلية شمالاً عند ملتقى جبال طوروس مع جبال الأمانوس في منطقة النهر الأبيض قرب مرعش. وتستمر سلسلة الأمانوس إلى مصب نهر العاصي في خليج السويدية، وأقصى ارتفاع لها هو 2240 م. ثم تمتد سلسلة مكملة لهذه الأولى من مصب العاصي إلى نهر الكبير الجنوبي وتعرف هذه السلسلة بسلسلة جبال النصيرية. يفصل سهل عكار جبال النصيرية عن امتدادها الجنوبي في جبل لبنان، وفي جبل لبنان سقف الشام وأعلى جباله ليصل ذروته بارتفاع 3088 م في قرنة السودا. بالاتجاه جنوبًا تبدأ الجبال بالابتعاد عن البحر وبالانخفاض تدريجيًا، فتبلغ أعلى قمة في الجليل (جبل الجرمق) 1208 م. تبدأ جبال نابلس من جبل الكرمل في حيفا حتى تتصل بجبال الخليل في الجنوب، وتستمر مناطق التلال والجبال حتى رأس محمد في أقصى جنوب سيناء. يشكل جبل عيبال أعلى قمة في جبال نابلس (981 م) بينما تبلغ جبال الخليل أعلى نقاطها في حلحول (1020 م). يبلغ طول هذه السلسلة من مرعش إلى رأس محمد أكثر من 1100 كم.

تبدأ السلسلة الموازية بمجموعة من التلال من نفس النقطة تقريبًا عند منطقة تسمى كابو تشام (بالإنجليزية: Kapu Tcham)‏ قرب مرعش وتمتد جنوبًا إلى صوف داغ وجبل حلب، ثم تتحول إلى سلاسل من التلال وصولاً إلى سهل حمص وسهل عكار الذين يشكلان نافذة لسورية الداخلية على البحر. تستمر السلسلة من جديد مع جبال القلمون التي تبدأ من جنوب حمص إلى دمشق وتلتقي مع هضبة الجولان عند جبل الشيخ (وأعلى قممه بارتفاع 2814 م). بعد فسحة سهلية تمتد لمسافة تقارب 60 كم عبر حوران تبدأ سلسلة جبال عجلون وتستمر السلسلة عبر جبال السلط ومؤاب والشراة إلى خليج العقبة حيث تتصل بجبال مدين.

إضافة إلى هاتين السلسلتين، توجد جبال أخرى داخلية متفرقة مثل جبل البلعاس وسلسلة الجبال التدمرية وجبل عبد العزيز وجبل العرب.

بين هاتين السلسلتين الجبليتين العظيمتين، يمتد أخدود سهلي عميق يشكل الجزء السوري (الشمالي) من الشق السوري الأفريقي وفيه توجد أخفض نقطة على سطح الأرض. ينبع نهر العاصي من وسط الأخدود تقريبًا ويتجه نحو الشمال بين سلسلتي الجبال في سهل البقاع وسهل الغاب وسهل العمق ليصب في البحر المتوسط. ومن نقطة قريبة ينبع نهر الأردن ويتجه جنوبًا مارًا في سهل الحولة وأطراف سهل بيسان وغور الأردن ليصب في البحر الميت أخفض نقطة على سطح الأرض.

إلى الغرب من السلسلة الساحلية يقع شريط سهلي ساحلي يضيق ويعرض. يكون أقصى عرض للسهل الساحلي في جنوب قطاع غزة بينما يختفي تمامًا في بعض النقاط مثل الجبل الأقرع جنوب لواء اسكندرون وفي جونيه وجبل الكرمل حيث تغتسل أقدام الجبال بمياه البحر.

المناخ

مناخ بلاد الشام معتدل، إذ يقع بين منطقة الرياح التجارية الجافة التي تهبّ على الجزء الجنوبي من الشام، ومنطقة الرياح الغربية المحمّلة بالرطوبة التي تهبّ على الجزء الشمالي من الشمال مسبّبة الأمطار. أمّا في فصل الصيف فتسود الرياح التجارية الجافة التي تجعل هواء الشام حاراً بعض الشيء. فالرياح الغربية التي تمر بالبحر المتوسط تكون محمّلة بالرطوبة، وتقابل جبال لبنان ومنطقة التلال الوسطى فترتفع، وبارتفاع الهواء يتمدد مما يتسبب في سقوط الأمطار، وهذا هو تعليل كثرة الأمطار التي تسقط على غرب جبال سوريا. على أن كمية المطر تتناقص كلما اتجهنا شرقاً، فدمشق مثلاً الواقعة خلف الحاجز المزدوج لجبال لبنان لا يصيبها إلاّ القليل من المطر، كذلك الحال كلّما اتجهنا جنوباً فتقلّ الأمطار بعد مرتفعات فلسطين الوسطى وتلال شرق الأردنّ. أما القسم الشرقي من شرقيّ الأردنّ فلا يصيبه إلاّ النزر القليل من المطر.

وفي الشتاء تأتي البرودة الجافة الآتية من آسيا الوسطى فوق منطقة الهضاب الشرقية في سوريا، وتكوّن الصقيع والثلوج. ويقع تأثير البرودة كلّما اتجهنا صوب الساحل. وتعمل سلسلة الجبال على منع تسرب الرياح البحرية الباردة من الوصول إلى داخل بلاد الشام. وفي الصيف تأتي الرياح الحارة الآتية من الشرق والجنوب الشرقي، وتسبب ارتفاع درجة الحرارة. أمّا رياح السَّموم أو الشرقية فتهبّ في فصلَي الربيع والخريف.

التقسيم السياسي للمنطقة

اسم الشام

يشيع في اللغات الأوروبية، وخاصة في العصر الحالي استخدام مصطلح "Levant"، وهي تعني المشرق، حيث استخدم الإيطاليون القروسطيين تسمية "Levante"، في إشارة إلى موضع مطلع الشمس بالنسبة لهم، وإنتشر الاسم من الإيطالية والفرنسية إلى الكثير من اللغات الأخرى، وهي تناظر ما عرفه العرب بالشام (نسبة للشمال، موضع المنطقة بالنسبة للعرب) أو سورية الكبرى أو بلاد آشور؛ ولكن مصطلح المشرق كان تاريخيا يشير إلى منطقة أكبر من سورية تمتد داخلا إلى ما بين النهرين، أي الدولة الآشورية الكبرى التي تأسست في مدينة الموصل الحالية في العراق وتوسعت وامتدت لتشمل بلاد ما بين النهرين كلها (أو العراق الحالي كله) وذلك بعد تمكن الدولة الآشورية من السيطرة على الدولة البابلية، وكذلك امتدت لتشمل جنوب الأناضول، ومنطقة سورية ولبنان وفلسطين والأردن والمناطق التي قام عليها الاحتلال الإسرائيلي النجس عام 1948 إثر الانسحاب البريطاني، أو بلاد المشرق أو الهلال الخصيب بأجمعه وذلك بعد تمكن الآشوريين من دحر الحيثيين الذي كانوا يحكمون منطقة سوريا ولبنان، كما شملت أجزاء من المناطق الغربية من إيران الحالية. وكذلك تمكن بعض الملوك الآشوريين العظام من توسيع الدولة الآشورية حتى مصر، حيث تمكن الملك الآشوري أسرحدون بن سنحاريب من الوصول حتى ممفس في مصر، فيما تمكن الملك الآشوري آشوربانيبال بن أسرحدون من الوصول حتى طيبة في مصر وإخضاع مصر للحكم الآشوري.

أصل كلمة سورية اليونانية يعود على راجح الأقوال إلى اسم المملكة الآسورية، وهي النطق الأوربي لاسم المملكة الآشورية، التي كانت عاصمتها آشور ثم كالح (النمرود) ثم نينوى، وتقع كل هذه العواصم في مدينة الموصل الحالية في العراق أو في بلاد ما بين النهرين. فقد كانت المنطقة الواقعة شرقي البحر الأبيض المتوسط كلها تابعة للإمبراطورية الآشورية (وهي أقوى وأكبر الإمبراطوريات في العالم القديم). وكان اسم الدولة الآشورية أو الإمبراطورية الآشورية يطلق على المنطقة كلها. وهي باللغة الإنجليزية Assyria. وفي العصر الحديث تم تحريف الاسم قليلاً من Assyria إلى Syria وأطلق على جزء صغير فقط من الإمبراطورية الآشورية، وهو منطقة سوريا الحالية. وقيل أيضا أن اسم سورية مشتق من اسم مدينة صور، وقيل أنه مأخوذ من الفارسية، وقيل غير ذلك. أما مصطلح الشام، وهو تسهيل للشآم بالهمز، فأصله من الجذر شأم الذي يعني أصلا جهة اليسار، ومن هذا المعنى اشتق المعنى الذي يفيد سوء الطالع، ونقيضه الجذر يمن الذي يعني جهة اليمين، ويعني أيضا حسن الطالع، فبلاد الشام هي نقيض بلاد اليمن في الاتجاه والاسم؛ وقد وردت أسباب أخرى ضعيفة في أصل التسمية منها «لأن أرضها شاماتٌ بيض وحمر وسود».

وأيضا وردت أسباب أخرى كنسبة الاسم إلى شخصية سام بن نوح التوراتية. حيث تقول المصادر أن فلك نوح بعد الطوفان استقر على جبل الجودي ومن تلك المنطقة تفرق أبناء نوح، وهم سام وحام ويافث. فبقي سام في بلاد ما بين النهرين. وكان من أبنائه آشور وآرام وعيلام وأرفخشاذ ولود.

الشام مقابل سوريا

كلمة الشام هي المقابل العربي لكلمة سوريا. فقد حدث خطأ قديم في الاسم الذي أطلقه اليونانيون على الآراميين من سكان شرقي المتوسط، وخصوصاً سوريا الحالية. فبما أن المنطقة كلها كانت تدعى الدولة الآشورية وعاصمتها نينوى، فقد أطلق اليونانيون اسم الآشوريين على جميع سكان الدولة الآشورية، سواء كانوا آشوريين أو آراميين أو غيرهم. ومن هنا حدث الخلط في التسمية بين الأجناس والأعراق المختلفة في المنطقة. ومع الفتح الإسلامي لهذه البلاد، ومن أجل التمييز، صارت الإشارة باللغة العربية كما يأتي: استعمل اسم الآشوريين في الإشارة إلى الآشوريين وبدون تغيير، بينما استعمل اسم السريان في الإشارة إلى الآراميين، علماً بأن كلمة سريان هي الكلمة التي استعملها اليونانيون القدماء في الإشارة إلى الآشوريين. فالسريان ليسوا آشوريين، بل آراميون، بينما يشير الاسم الذي يحملونه إلى الآشوريين، وهذا خطأ تاريخي. وظل النصارى من أهل الشام بعد الفتح الإسلامي يتسمون باسم سوريين. ولذلك فإنه في العصور الإسلامية الباكرة كان السوري من أهل الشام هو المسيحي بينما كان الشامي هو المسلم؛ ومن هنا جاء استخدام كلمة Syrian في اللغات الأوروبية لوصف نصارى سورية، وتحديدا السريان منهم (Syrian Christian).

ولكن هذا الفرق كان قد تلاشى مع حلول القرن التاسع عشر؛ حيث كانت سوريا حينها كلمة عامة تطلق على الأقاليم العثمانية التالية (حسب تقسيمات عام 1877):

  • ولاية حلب
  • ولاية سوريا (دمشق)
  • ولاية بيروت
  • متصرفية جبل لبنان
  • متصرفية القدس الشريف

وترافق تصاعد استخدام مصطلح سورية مع تضيق معنى مصطلح الشام الذي اقتصر على دمشق وما جاورها فقط، وما زال هذا الفرق باقيا في كلام أهل الشام إلى اليوم، حيث أن الشامي هو الدمشقي أما الحلبي مثلا فليس بشامي.

سوريا مقابل سورية

سورْيا (بتسكين الراء وتخفيف الياء) هو اسم يستخدمه معظم العرب اليوم بدلا من مصطلح سوريّة التقليدي (بكسر الراء وتشديد الياء)، والذي لا زال استخدامه باقيا عند قطاع عريض من أهل الشام. وسورية منذ القدم عرفت وأطلق الاسم كما هو سورية، أما مصطلح سوريا بالألف بدل التاء المربوطة فليس له أثر في اللغة العربية قبل العصر الحديث؛ ويبدو أن نشوء هذا اللفظ ترافق مع الفتوى التي قالت بوجوب كتابة أسماء الأعلام الأجنبية بألف ممدودة في أواخرها، رغم أن هذه الفتوى ليس لها أصل في تاريخ اللغة العربية حيث أن كتابة أسماء الأعلام بتاء مربوطة في أواخرها هو من عادة العرب منذ القدم، بينما الكتابة بالألف المدودة هي من شيم الآراميين واليونان والرومان وغيرها من الحضارات التي مرت بسوريا عبر تاريخها الطويل. ويستخدم الدستور السوري لفظة (سورية).

تاريخ الشام

كانت بلاد الشام تاريخيًا كيانًا جغرافيًا وسياسيًا واحدًا، فالتقسيمات السياسية والإدارية كانت دومًا ترتكز على اعتبار هذه المنطقة كتلة واحدة لا يمكن الفصل بينها، غير أن الاحتلال البريطاني- الفرنسي واتفاقية سايكس بيكو أدت إلى تقسيم بلاد الشام (سوريا الكبرى) إلى دول صغيرة فقسمت إلى ما هي عليه الآن من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وبينما ترتبط سوريا ولبنان وفلسطين والأردن بعلاقات الأصل والدين واللغة والثقافة الواحدة، فإن الاحتلال الإسرائيلي حينما تم إعلان قيام دولتها المزعومة عام 1948 قوبلت بالرفض لها واعتبارها كيان دخيل ومحتل من قبل كافة الدول العربية وأغلب دول العالم. بينما تشير بعض المصادر إن هدف مؤسسي الكيان الصهيوني يتجاوز السيطرة على الشام ليصل إلى النيل في مصر غربًا والرافدين بالعراق شرقًا. وبالتالي فإن هذه المصادر تشير إلى رغبة الكيان الصهيوني في ضم كامل بلاد الشام، ومنذ سنة 1967 ضم هذا الكيان الغاصب الضفة الغربية بما فيها القدس بأكملها، وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، إلا أن المجتمع الدولي رفض هذه الأعمال الصهيونية الارهابية واعتبرها احتلالاً وقد عملت الصهيونية وتعمل على تقويض الأمن بالمنطقة عن طريق اعمالها العدوانية، وسعى الكيان الهصيوني منذ عام 1982 إلى سنة 2000 إلى السيطرة على جنوب لبنان، إلا أن المقاومة الإسلامية في لبنان أجبرت القوات الصهيونية الجبانة على الانسحاب.

العصر الروماني

الفتح الإسلامي

بدأت المناوشات بين الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية في عهد الرسول محمد خلال غزوة مؤتة واستمرت محاولات الاختراق الإسلامية خلال عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، غير أن المعارك الحاسمة وقعت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان أهمها معركة اليرموك في آب 636، والتي هزم فيها الجيش البيزنطي هزيمة ساحقة فتحت البلاد أمام المسلمين.

عبأ أبو بكر الصديق الجيوش إلى الشام في مطلع السنة الثالثة عشرة للهجرة فبعث يزيد بن أبي سفيان في سبعة آلاف إلى دمشق، وكان أول الأمراء الذين ساروا إلى الشام، وكان في جنده سهيل بن عمرو. ثم أمد أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بأخيه معاوية بجند كثير. سار عمرو بن العاص في جيش كانت وجهته فلسطين، بينما اتجه شرحبيل بن حسنة إلى الأردن.

فتحت بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب سنة أربع عشرة للهجرة. افتتح دمشق أبو عبيدة بن الجراح من باب لها يقال له باب الجابية صلحاً، بعد حصار سنة ودخل خالد بن الوليد من باب شرقي بغير صلح، فأجاز أبو عبيدة الصلح في جميعها، وكتبوا إلى عمر بن الخطاب، فأجاز ما عمل به أبو عبيدة.

قسم المسلمون بلاد الشام إداريا إلى أربعة أجناد هي جند دمشق وجند حمص وجند الأردن وجند فلسطين، أضيف إليها في عهد معاوية جند قنسرين.

العهد العثماني

ما بعد الحرب العالمية الأولى

مع سقوط الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، قسمت سوريا إلى منطقتين حسب اتفاقية سايكس بيكو: منطقة فرنسية في الشمال سميت سوريا ومنطقة بريطانية في الجنوب سميت بفلسطين. قاوم عرب الجنوب التقسيم وتسمية فلسطين وطالبوا باعتبار اسم سوريا الجنوبية بدلًا من فلسطين، حيث أنهم اعتبروا التسمية مقدمة لسلخ الإقليم الجنوبي من سوريا وإعطائه لليهود. ثم تقسمت المنطقة الشمالية مجددا في عام 1920 إلى عدة أجزاء هي دمشق وحلب والساحل وجبل الدروز ولبنان إضافة إلى الأقاليم السورية الشمالية التي سلمتها فرنسا إلى تركيا، وتوحدت هذه الأجزاء (باستثناء الأقاليم السورية الشمالية) مجددًا في عام 1936 تحت مسمى الجمهورية السورية وقامت سلطات الانتداب الفرنسي بفصل لبنان عن الدولة السورية بعد إعلان الجمهورية السورية. أما المنطقة الجنوبية من سوريا فقسمت في عام 1921 إلى منطقتين هما فلسطين وشرق الأردن. اقتطع لواء اسكندرون عام 1939 بتآمر بين الانتداب الفرنسي وتركيا. قسمت فلسطين مجددا عام 1947 إلى دولة عربية في الجليل والضفة الغربية وقطاع غزة وصولا إلى يافا، ودولة أخرى صهيونية فيما تبقى؛ وبعد نكبة عام 1948 أمست الضفة الغربية تحت حكم شرق الأردن وقطاع غزة تحت حكم مصر، بينما ذهب الجليل والسهل الساحلي والنقب إلى اليهود. وفي حزيران/يونيو عام 1967 صارت فلسطين بالكامل تحت حكم الصهاينة.

التركيبة السكانية

يقدر عدد سكان بلاد الشام بحوالي الخمسين مليون تقريبا يتوزعون على أربعة دول ما بعد سايكس بيكو والدولة الرابعة ما بعد وعد بلفور محل صراع بين الصهاينة والفلسطينيين حيث قسمت فلسطين فيما بينهم ونشأت دولة الكيان الصهيوني من جهة والضفة الغربية وقطاع غزة من جهة أخرى. يقدر عدد سكان الأردن بنحو 7,008,271 (طبقا لتقديرات يوليو 2013). وبموجب إحصاءات عام 2010 فإن عدد سكان سوريا يقدر بحوالي اثنين وعشرين مليونًا ونصف بنسبة نمو طبيعي تعادل 1.9% سنويًا، أي بزيادة نصف مليون نسمة كل عام. كما يبلغ عدد سكان لبنان بحسب تقدير الأمم المتحدة لعام 2008 حوالي 4,099,000 نسمة. وبالنسبة لفلسطين التاريخية فقد كان عدد سكان إسرائيل حوالي 7.41 مليون نسمة وفق تقديرات عام 2008، والضفة الغربية حوالي 4,018,332 في عام 2007، وأما قطاع غزة فقُدر سكانه بحوالي 1,449,221 في عام 2009. حوالي 90% من سكان سوريا هم من العرب في حين أن الأكراد يشكلون 8% من السكان، وتوزع النسبة الباقية على سائر الأقليات كالأرمن والتركمان والشركس والسريان بمختلف فروعهم، إلى جانب أقليات قومية وافدة أخرى. حوالي 53.5% من مجموع السكان يقيم في المدن،

معظم الأردنيين هم من العرب المنحدرين من أصول مختلفة هاجرت إلى المنطقة على مر السنين من مختلف الاتجاهات. بالإضافة إلى ذلك، هناك الشركس الذين هم أحفاد لاجئين مسلمين هجروا نتيجة غزو روسيا القيصرية للقوقاز في القرن التاسع عشر، ومجموعة أقل بكثير من الشيشان. كذلك أيضا اعداد قليلة من السكان الأرمن. من الصعب إحصاء عدد البدو. لكن أعدادهم حاضرة في سكان الأردن كما أن هناك عددًا كبيرًا من الأردنيين ينحدرون من أصل فلسطيني، بعد أن اجبروا على ترك وطنهم بسبب حروب 1948 و1967 مع الكيان الصهيوني المحتل. منح الأردن حق المواطنة الأردنية لجميع الفلسطينيين استنادا إلى الارتباط الإداري والقانوني بالضفة الغربية الذي استمر حتى عام 1988، باستثناء بعض الفلسطينيين الذين ما زالوا يعيشون في عدد من مخيمات اللاجئين في الأردن. تقوم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) برعاية هؤلاء اللاجئين في نواحي الصحة والتعليم وقسم من الاحتياجات الغذائية. يعيش حوالي 70% من سكان الأردن في المدن (حضر)؛ بينما يشكل سكان المناطق الريفية أقل من 6% من إجمالي السكان. هناك عدد من اللبنانيين في الأردن وسوريا تركوا بلادهم بسبب الحروب التي مرت عليهم من الحرب الأهلية اللبنانية وحتى حرب تموز 2006 التي شنها الكيان الصهيوني على حزب الله ولبنان. يُقدر عدد اللبنانيين المغتربين والمتحدرين من أصل لبناني في العالم بحوالي 8,624,000 نسمة، وفقا لإحصائية من سنة 2001، ينتمي أكثرهم إلى الديانة المسيحية، وذلك لأن الهجرة اللبنانية أول ما بدأت من متصرفية جبل لبنان ذات الأغلبية المسيحية.

وفقا للأونروا، هناك 1,951,603 لاجئ فلسطيني في الأردن اعتبارا من يونيو 2008، مشكلين ما نسبته 31.5% من سكان الأردن. أيضًا يوجد هنالك عدد لا بأس به من العراقيين المقيمين في الأردن كما أن هناك أعدادًا أخرى وصلت إلى سوريا، وحدث ذلك بسبب الغزو الأمريكي ولنزوحهم هربًا من الوضع السياسي المضطرب في بلادهم. ويوجد من 450,756 إلى 500,000 عراقي يقيمون في الأردن هم من لاجئي الغزو الأمريكي للعراق 2003، بحسب مصادر حكومية أردنية، منهم 31,000 فقط سجلوا أنفسهم لدى الاونروا كلاجئين، و604 طلبوا اللجوء. حوالي 40% من السكان البالغين 22 سنة في لبنان ينتمون إلى الديانة المسيحية، وهو البلد الوحيد في الوطن العربي الذي يتولى رئاسته مسيحيون بحكم عرف دستوري. ويتوزع الشعب اللبناني على 18 طائفة معترف بها،

اللغة

اللغة العربية هي لغة الأغلبية ويفهمها معظم الأشخاص من أعراق الأخرى (مثل الأكراد والشركس والأرمن). تغير الوضع في فلسطين بعد قيام الكيان الصهيوني، حيث تغير الوضع السكاني نتيجة تهجير العرب ووصول اليهود من أوروبا ومناطق أخرى، فأصبحت واليهودية دين الأغلبية والعبرية لغتها. هناك تكون العبرية اللغة الأساسية في المناطق ذات الكثافة اليهودية والعربية في المناطق ذات الكثافة العربية. في سوريا بموجب المادة الرابعة من الدستور السوري تعتبر اللغة العربية لغة البلاد الرسمية، إلى جانب اللغة العربية تنتشر اللغات الكردية خصوصًا في محافظة حلب ومحافظة الحسكة، واللغة الأرمنية في حلب وكسب واللغة الشركسية كلغة منطوقة بين أفراد هذه القوميات داخل البلاد، كما تستعمل اللغة السريانية بلهجتيها المعروفتين الشرقية والغربية خصوصًا في مناطق الجزيرة السورية، إلى جانب لهجة ثالثة أقرب إلى الآرامية القديمة منها إلى السريانية التي تعتبر تحديثًا لها، ويطلق على هذه اللهجة اسم اللهجة الآرامية السريانية وتنتشر في معلولا وثلاث قرى مجاورة إلى الشمال من دمشق، وإلى جانب كونها لغة مخاطبة، فهي تستخدم كلغة طقوس في الطوائف المسيحية ذات الطقس السرياني في البلاد. كما تنتشر اللغة التركية بين التركمان. لغاتهم في محيطهم الخاص.

يتكلم اللبنانيون اليوم اللغة العربية المدموغة بلهجتهم الخاصة المستمدة من اختلاط اللغة العربية مع الآرامية والسريانية، وبعض الكلمات التركية والفارسية. كما أن معظم اللبنانيين يتكلمون أكثر من لغة منها الفرنسية والإنجليزية. كما تستعمل اللغة الأرمنية بكثرة بين اللبنانيين من أصل أرمني. وما زالت اللغة السريانية واللاتينية مستعملة في الطقوس الدينية المسيحية. وكما لبنان تفرض دراسة اللغتين الإنجليزية والفرنسية في مدارس البلاد الرسمية والخاصة، إلى جانب وجود معهد خاص باللغة الآرامية هو الوحيد من نوعه في العالم، كما يوجد عدد من المعاهد الخاصة. عمومًا فإن سوريا تعتبر من البلاد القليلة التي انتدبت من قبل فرنسا ولم ترسخ فيها اللغة الفرنسية أو تعتبر كلغة ثانية وذلك بسبب سياسة الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال.

الدين

غالبية سكان بلاد الشام هم من المسلمين من أهل السنة والجماعة إلى جانب أقليات علويَّة وشيعيّة. هناك أيضًا أعداد بارزة من اليهود والمسيحيين والأكراد اليزيديين والموحدين الدروز وطوائف أخرى أصغر. بالإضافة إلى ذلك، يوجد في هذه المنطقة عدد من المواقع ذات الأهمية الدينية، مثل المسجد الأقصى بالنسبة للمُسلمين، وكنيسة القيامة لدى المسيحيين، وحائط المبكى لدى اليهود، ومقام النبي شعيب لدى الموحدون الدروز، وضريح الباب لدى أتباع الديانة البهائية.

الإسلام هي الديانة السائدة في الأردن، وكذلك هو دين الأغلبية للعرب ولغير العرب. إضافة إلى كونه الدين الرسمي في الدولة، أكثر من 92% من الأردنيين هم من المسلمين (إحصائيات 2001)، والأغلبية الساحقة منهم يتبعون المذهب السني.، وهناك حوالي 6% من المسيحيين، غالبيتهم ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، بالإضافة إلى أعداد أخرى تقدر بحوالي 2% وهي (اعداد قليلة من السكان الشيعة والدروز). الدستور الأردني يضمن حرية المعتقدات الدينية، ونظرًا لما يشهده الأردن من تنوع عرقي وديني فإنه يوفر الحرية الكاملة لمواطنيه في تشكيل النوادي الخاصة بهم والمدارس والجمعيات وأماكن العبادة. كما يكفل الحق للمجموعات العرقية في تعلم لغاتها بشكل مجاني. تنص المادة الثانية والأربعين من الدستور السوري على أن الحفاظ على الوحدة الوطنية واجب على كل مواطن، المادة الثالثة من الدستور السوري أوضحت أن دين رئيس الجمهورية يجب أن يكون الإسلام، كما نصت على اعتبار الفقه أحد مصادر التشريع الرئيسية. تعتبر سوريا بلدًا متنوعًا طائفيًا، 74% من المواطنين من المسلمين ذو المذهب السنّي، في حين أن 16% من سائر الطوائف الإسلامية خصوصًا الشيعة والعلوية والدروز والإسماعيلية، أما نسبة المسيحيين فتترواح بين 10% إلى 12% باختلاف الإحصاءات، حوالي نصفهم من الروم الأرثوذكس في حين أن سائر الطوائف تشكل النصف الآخر. تحوي سوريا أقل من ألف مواطن من أتباع الديانة اليهودية في دمشق وحلب والقامشلي. كانت أعداد اليهود أكبر في السابق حتى وصلت إلى ثلاثين ألفًا عام 1954 غير أنها انخفضت نتيجة هجرتهم إلى إسرائيل والولايات المتحدة خصوصًا إثر حربي 1948 و1967. يوجد في سوريا أيضًا بضعة آلاف من اليزيديين. لبنان بلد متنوع بشعبه، فحوالي 40% من السكان البالغين 22 سنة ينتمون إلى الدين المسيحي وتعد الكنيسة المارونية كبرى الطوائف المسيحية اللبنانية، وحوالي 60% من السكان ينتمون إلى الدين الإسلامي. ويتوزع الشعب اللبناني على 18 طائفة معترف بها.

في المناطق الفلسطينية الإسلام هو الدين الرئيسي للأغلبية وهناك المسيحيين الفلسطيين أيضاً، أما على الطرف الآخر فتقبع إسرائيل التي أغلبية سكانها من اليهود، كما يوجد المسيحيين والمسلمين خاصةً من عرب 48 والدروز.

نمط المعيشة

ينقسم نمط المعيشة للشاميين إلى ثلاث طبقات:

  • حضر: ويسكنون المدن والارياف.
  • بدو: رحل ويرعون الماشية ويسكنون في نواحي بادية الشام.
  • الشوايا: بدو مستقرون يرعون الماشية ويسكنون على أطراف نهر الفرات وأيضا بادية الشام.

أهمية الشام في الإسلام وفضلها وأهلها

  • إنها أرض مباركة، فقال الله تعالى في القرآن: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

وقال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) وقال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) وقال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) يقول الشعراوي – – في تفسيره: (لقد بارك الله حول المسجد الأقصى ببركة دنيوية، وبركة دينية: بركة دنيوية بما جعل حوله من أرض خِصْبة عليها الحدائق والبساتين التي تحوي مختلف الثمار، وهذا من عطاء الربوبية الذي يناله المؤمن والكافر. وبركة دينية خاصة بالمؤمنين، هذه البركة الدينية تتمثل في أن الأقصى مَهْد الرسالات ومَهْبط الأنبياء، تعطَّرَتْ أرضه بأقدام إبراهيم وإسحق ويعقوب وعيسى وموسى وزكريا ويحيى، وفيه هبط الوحي وتنزلتْ الملائكة)

  • سماها الله الأرض المقدسة، قال الله: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).
  • مهد الرسالات ومهبط الأنبياء.
  • الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام، قال النبي : «إني رأيت كأن عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فأتبعته بصري، فإذا هو نور ساطع، عمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام» صححه الألباني.
  • خير البلاد عند الله، وخير العباد فيها، عن واثلة بن الأسقع : «سمعت رسول الله يقول لحذيفة بن اليمان ومعاذ بن جبل وهما يستشيرانه في المنزل فأومأ إلى الشام ثم سألاه فأومأ إلى الشام قال عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فإن الله تكفل لي بالشام وأهله» صححه الألباني. وقال : «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، ولا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة» صححه الألباني. وقال : «صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه وعبادة، ولتدخلن الجنة من أمتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب» صححه الألباني.
  • الطائفة المنصورة التي لا يضرها من يخذلها موجودة بالشام، قال النبي : «صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه وعبادة، ولتدخلن الجنة من أمتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب» قال الألباني: صحيح على شرط الشيخين.
  • أرض المحشر والمنشر، عن معاوية بن حيدة : «يا رسول الله أين تأمرني فقال هاهنا وأومأ بيده نحو الشام قال إنكم محشورون رجالا وركبانا ومجرون على وجوهكم» صححه الألباني.

وقال النبي : «الشام أرض المحشر والمنشر» صححه الألباني.

  • بسط الملائكة أجنتحها على الشام، قال النبي : «يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام، قالوا يا رسول وبم ذلك قال : تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام» صححه الألباني.
  • أولى القبلتين، قال تعالى:

(قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) عن عبد الله بن عمرو : «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، جاءهم آت، فقال : إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة» صححه الألباني. عن البراء بن عازب : «صلينا مع النبي نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا وصرف إلى القبلة» صححه الألباني.

  • نزول عيسى بن مريم بالشام وبالتخصيص دمشق وهي خير مدائن الشام، قال النبي : «ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق عليه ممصرتان كأن رأسه يقطر منه الجمان» صححه الألباني.

وقال النبي : «يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها : (الغوطة)؛ فيها مدينة يقال لها : (دمشق)؛ خير منازل المسلمين يومئذ» صححه الألباني.

  • هلاك المسيح الدجّال في الشام، قال النبي : «يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى ينزل دبر أحد ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهنالك يهلك» صححه الألباني.
  • الشام عقر دار الإسلام، قال النبي : «عقر دار الإسلام بالشام» صححه الألباني.
  • تكفل الله بالشام، قال النبي : «عليكم بالشام، فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليلحق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله عز وجل تكفل لي بالشام وأهله» صححه الألباني.
  • أن النار في آخر الزمن ستحشر الناس في الشام، قال النبي : «ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس قلنا فماذا تأمرنا يا رسول الله قال عليكم بالشام» صححه الألباني.
  • توصية رسول الله لنا بالذهاب إليها، حيث تلحظ في الأحاديث السابقة: «عليكم بالشام»، «ها هنا وأومأ بيده نحو الشام»

عن عبد الله بن حوالة : «يا رسول الله اكتب لي بلدا أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم اختر على قربك قال عليك بالشام ثلاثا» صححه الألباني.

  • أكرمها الله بالشهادة بأن ابتلاها بالطاعون، قال النبي : «أتاني جبرائيل بالحمى والطاعون، فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام، فالطاعون شهادة لأمتي، ورجز على الكافر» صححه الألباني.
  • أمر النبي بالالتحاق بجند الشام، لقوله : «ستجندون أجنادا جندا بالشام وجندا بالعراق وجندا باليمن، قال عبد الله فقمت فقلت : خر لي يا رسول الله، فقال : عليكم بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه وليستق من غدره، فان الله عز وجل قد تكفل لي بالشام وأهله» قال الألباني: صحيح جداً.
  • دعاء النبي لها، قال النبي : «(اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا). قالوا : يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال : (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا). قالوا : يا رسول الله، وفي نجدنا ؟ فأظنه قال في الثالثة : (هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان» صححه الألباني.

المسجد الأقصى

  • أولى القبلتين.
  • وهو ثاني مسجد وضع للناس، عن أبو ذر الغفاري : «قلت : يا رسول الله، أي مسجد وضع أول ؟ قال : (المسجد الحرام). قلت : ثم أي ؟ قال : (ثم المسجد الأقصى). قلت : كم كان بينهما ؟ قال : (أربعون، ثم قال : حيثما أدركتك الصلاة فصل، والأرض لك مسجد)» رواه البخاري ومسلم.
  • ولا تشد الرحال إلا إليه وللمسجد الحرام والمسجد النبوي، قال النبي : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى المسجد الأقصى وإلى مسجدي هذا» صححه الألباني.
  • ومضاعفة أجر الصلاة فيه، وعن أبو ذر الغفاري : «أنه سأل رسول الله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول الله فقال صلاة في مسجدي هذا، أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط – أو قال : قوس – الرجل حيث يرى منه بيت المقدس ؛ خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعا» صححه الألباني.
  • ليأتين زمان على الناس يكون بيت المقدس خير أو أحب إليهم من الدنيا جميعاً، والحديث السابق يثبت ذلك.
  • وأن من صلى في المسجد الأقصى كأنما خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال النبي : «لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثا حكما يصادف حكمه وملكا لا ينبغي لأحد من بعده وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فقال النبي أما اثنتان فقد أعطيهما وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة» صححه الألباني.
  • مسرى النبي، وصلاة النبي فيه، قال النبي محمد: «أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته، حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين» صححه الألباني.
  • دعوة موسى، قال النبي محمد: «أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه، فرجع إلى ربه، فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال : ارجع إليه، فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال : أي رب، ثم ماذا ؟ قال : ثم الموت، قال : فالآن، قال : فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر). قال أبو هريرة : فقال رسول الله : لو كنت ثم لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر». رواه البخاري ومسلم.

مدن بلاد الشام


كما تتخذ بعض كبريات المدن في المنطقة أهمية خاصة، مثل طرطوس، حمص، الرقة، دير الزور، درعا، ادلب، السويداء في سوريا وإربد، عجلون، جرش، السلط، مادبا، الكرك والعقبة في الأردن، والقدس وحيفا وعكا ويافا ونابلس وصفد وجنين وبيت لحم والناصرة والخليلوغزة في فلسطين، صيدا، وطرابلس وزحلة وبعلبك وصور والبترون في لبنان. إضافة إلى ذلك، هناك مدن شامية كبيرة تقع اليوم ضمن الأقاليم السورية الشمالية التي ضمت إلى تركيا بموجب معاهدة لوزان عام 1923. من هذه المدن ماردين وديار بكر وعنتاب وأضنة ومرسين وكلس ومرعش واورفة وطرسوس وجزيرة ابن عمر ومدن لواء اسكندرون مثل أنطاكية واسكندرون التي احتلتها تركيا عام 1939.وبالإضافة إلى مدينة الموصل ضمن أقاليم بلاد الجزيرة الفراتية .

أماكن دينية

معرض صور

انظر أيضًا

  • مهد الحضارة
  • الهلال الخصيب
  • المشرق العربي
  • الشرق الأوسط
  • أسماء الشام
  • الدول الصليبية
  • جنوب بلاد الشام
  • الشام الجديد

المراجع

وصلات خارجية

  • فرنسا والشرق الأدنى
  • بوابة الأردن
  • بوابة الشام
  • بوابة الشرق الأوسط
  • بوابة الشرق الأوسط القديم
  • بوابة المتوسط
  • بوابة الهلال الخصيب
  • بوابة الوطن العربي
  • بوابة سوريا
  • بوابة فلسطين
  • بوابة لبنان

Text submitted to CC-BY-SA license. Source: بلاد الشام by Wikipedia (Historical)







Text submitted to CC-BY-SA license. Source: by Wikipedia (Historical)







Text submitted to CC-BY-SA license. Source: by Wikipedia (Historical)







Text submitted to CC-BY-SA license. Source: by Wikipedia (Historical)







Text submitted to CC-BY-SA license. Source: by Wikipedia (Historical)







Text submitted to CC-BY-SA license. Source: by Wikipedia (Historical)



INVESTIGATION